نجيبة المعالج دربال تكتب عن صلة الرحم في رمضان
مرض الكورونا مازال يقلقنا ومازال يقلّل إن لم أقل يمنعنا أو يحدّ من تواصلنا والتقارب والتزاور مع الاهل والاصدقاء سواء في العيد او غيره من المناسبات.
سأذكركم بما قال الله والرسول عن أهمية التزاور بين الاهل والاقارب وصلة الرحم خاصة ونحن في شهر مبارك وموسم عظيم.
عن عائشة رضيَ الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : «الرّحِمُ معلّقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» رواه البخاري. والإنسان لا يستطيع أن يعيش منفردا في هذه الحياة فلا بدّ له من معاشرة الآخرين والتعاون معهم وتبادل الزيارات والمنافع المشتركة حتى ترفرف روحُ المودة والتعاون والتراحم على المُجتمعات البشرية، وإلا فإنّ الشرّ والجريمة والكراهية ستُخيّم على حياة الناس.
والإسلام دين الإنسانية يدعو إلى صلة الرحم والتزاوز فيما بين العائلات وهو دين التعاون والتكافل الاجتماعي، ولقد حثّنا كتاب الله والسنة النبويّة على ذلك بآيات وأحاديث كثيرة مع العالم عامة والأقارب خاصة، لأنّهم أقرب إلى نفوسنا وألصق بنا من غيرهم، فالنفس البشريّة أكثر ميلا إلى من يلتقي معها في الدّم والجنس والمزاج، فالأقارب أو ذوو الأرحام هم الآباء والأجداد والأمهات والجدّات والإخوة والأخوات والأعمام والعمات ومن يتفرع منهم. وفي عصرنا الحاضر نلاحظ تقصيرا ظاهرا في صلة الأرحام وما يتعلّل به البعضُ من أسباب، ككثرة الأشغال الخاصة وعدم وجود الوقت الكافي وصعوبة المواصلات وبعدِ المسافة وتشتت الأقارب ليس ذلك بشيء يرْضَى الله عنه، فالله يقول: “واتّقوا الله الذي تسّاءلون به والأرحام” الاية الاولى من سورة النساء. ويقول الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم: “لا يدخل الجنّة قاطعُ رحم” رواه البخاري في كتاب الادب. لأن في صلة الأرحام فوائد روحيّة وخُلقية واجتماعيّة واقتصاديّة وغيرها، ومنها: تدريبُ النفس الضنينة على بذل المال عن طيب خاطر على الأقارب ليشمل بعد ذلك غيرَهم من أفراد المجتمع، ويقع القضاء على التسوّل والبؤس بين الأقارب ليمتد بعد ذلك إلى المُحتاجين الآخرين، ولو فعل ذلك الأغنياء الكبار مع أقاربهم الفقراء لعمت المُساعدة المالية جميع الأفراد، لأن الأمة الّتي تتكوّن من مجموعة أسر يربطها رحم واحد هي أمة قويّة متماسكة. قال تعالى: “فآتِ ذا القربى حقّه” سورة الروم الاية 38.
إن التودّد إلى الأقارب وعيادة مرضاهم، ومعاونة محتاجيهم، ومشاركتهم الأفراح والأحزان، وإظهار الحبور بلقائهم، ودفع الأذى عنهم، وإيجاد الوظيفة للعاطل منهم عن العمل، من حق الرحم، وهكذا نقضي على كثير من حبّ الانتقام والكراهية وعلى التفكّك الاجتماعي. فالرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: “من سرّه أن يبسط الله له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه” رواه مسلم. (ومعنى ينسأ له في أثره أي يؤخّر له في أجله وعمره). فالواجب يقتضي منا، ونحن في عصر سرعة المواصلات وسهولتها، أن نولي زيارة أقاربنا وأهلينا وصلتهم ما يستحق من الأهمية التي حثنا عليها ديننا الحنيف وأوصانا بها نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم. وهذا العيد يطرق أبوابنا وفي يده وصايا التسامح والحب والتراحم والتواصل والتزاور والأقربون أولى بالمعروف، فلنستقبل العيد ولنحمل عنه هذه الرسالة بصلة الرحم وحب الناس، ولنعمل بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن سرّ مسلما سرّه الله يوم القيامة» رواه مسلم والبخاري.
اللّهم إنا نسألك ما يرضيك ونعوذ بك مما يؤذيك ونسألك الهداية والتوفيق وموجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل برّ والفوز بالجنّة والنجاة من النّار يا ربّ العالمين
مع أجمل تحيات نجيبة المعالج دربال .