فرّك  الرمّانة : تعيش المراة بنصف سعادة في تونس…بقلم  سلوى بن  رحومة

فرّك الرمّانة : تعيش المراة بنصف سعادة في تونس…بقلم سلوى بن رحومة

12 سبتمبر، 18:30

اكتشفت مع النضج أن التشريعات القانونية تهدف الى تنظم حياتناولا تهدف الى اسعادنا. بل ان الانسان نفسه يغفل عن توجيه اهدافه نحو سعاتهوفي كثير من الاحيان لا يتقن فعل ذلك . فهويربطها بما هو ليس متاح أكثر مما هو متاح .لذلكصارت السعادة مراة لكل ما تحصل عليه ماديا و انت مطالب في كل مرة بتحقيق تلك الاهداف المادية للحصول على تلك السعادة .ولعلها الفكرة الوحيدة التي تجعلنا نلهث دون توقف ونتعب دون استغناء عن التعب .
رغم ان الاسلام باب من ابواب السعادة في حد ذاته اذ الهدف الجوهر ي من خلقنا عبادة االله مخلصين له الدين . و قد كانوا من اولياء الله و الصالحين ممن طبقوا هذا الواجب . فتحصلوا بفضل تلك القاعدة على سعادة الخضوع و التسليم والاستغناء . اما نحنفي زمن نغذي فيه فكرة كل ماهو مادي فاننا في انسياق تام نحو عالم لا يشبهنا و نصر ان نكون في تبعية له.
فنحنصرنا نمارس الالتزامات الدينية بطريقة فلكلورية اذاقتصر التزامنا على الصوم في رمضان و احتفالات الاعياد الكبير منها و الصغير و الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف . اعياد تقام في مجملها دون الرجوع الى الاهداف التي قامت عليها . اذ تحول مع الوقت العيد الكبير الى وليمة مشاوي يمكن معها الاستغناء عن الاضحية و الاكتفاء بالشواء وبقية عادات الاكل حسب الجهات .وننسج على هذا المنوال في باقي الاعيد الا من رحم ربي .
حتى الاذكار و الاغاني الصوفية تحولت مع الوقت الى فلكلور يُّغنى من البطاحي الى المهرجاناتباستعمال الات موسيقية محرمة شرعا تصاحبها باليهات منالراقصين و الراقصات لا يجرا احد على استنكارها . حتى ان البعض لا يفرق بين هذه الاغاني الصوفية وبين اغاني حبوبة لذلك فان الجمهور سوف يرقص على ايقاع الطبل و المزود ولن يعير الكلمة اي اعتبار .و التونسي كائن حيوي بطبعه. كلنا سلاسة شعب الهريسةبمجرد ان نسمع المزود او الطبلة تتدفأ عظامنا ويتشنج الوريدان ويضغط الدم على الحزام و الركبتين فيدور التونسي على مكانه كانه نبتة عباد الشمس لا يغر موقعه ولا حركته الا اذا تخلص من تلك الطاقة الحارقة في جسمه وتوقف الطبل عن الهذيان.
هكذا تحولت سعادتنا الى لحظات خارج السياق السهل و الممكن و البسيط و الذي لا مستلزمات فيه الا الروحية . صرنا كالسيارات لابد من ضخ البنزين الخاص بكل علامة مسجلة لنتدفق نحو سعادة يعادل عمرها ما كنت قادرا على دفعه في ضخ بنزينك
حفيدات اروى القيروانية بفترض ان يكن الاكثر سعادة على الاطلاق على الاقل مقارنة بالرجل في تونساعتبارا للمكانة الاعتبارية التي تحضى بها المراة في بلدها بترسانة قوانين تحرك غيرة اي امراة باي جنسية . ترسانة حقوق لم يزعزعها اي تيار واي حاكم ممن تداولوا على السلطة بعد الثورة في تونس .
الا انها في الواقع تحتاج لهذه الترسانة كما تحتاج الى أرضية نشاة سليمة للجنسين وعقلية شراكة بن الجنسين تساعدها على تقاسم اعباء الحياة اليومية بمعية الشريك .فهذه المراة التي تعمل مثل الرجل في كل المواقع وبنفس الاجر و نفس عدد الساعات و تحصل على جميع الترقيات مثله ويمكن ان تكون رئيسته او رئيسة حكومة وفي اي منصب اعتباري او مسؤول تسقط من ذاك العلو الشاهق في الحقوق الى الواجبات اليومية لاي امراة اخرى ليس لها ترسانة الحقوق التي لديها. اذ هي لا تزال مطالبة لوحدهاباعداد اطباق الطعام للعائلة و القيام بكل اشكال التنظيف وهي التي يتوجه اليها كل افراد العائلة بالسؤال اذا احتاجو الى الاكل او الملبس ولا يهتم احد سواها باي واجب منزلي بل انهم لا يدرون ماذا تفعل ولا علم لهم بتفاصيل التفاصيل اليومية التي تاخذ منها روحها المرحلة و لذة الاهتمام بنفسها لكثرة ما تعيد نفس الاشياء بنفس الطريقة في نفس الوقت ولنفس الاشخاص . وهي التي يمكن ان تاخذ على عاتقهامسؤوليات الزوج ايضا بدلا عنه مثل الشراءات الخاصة بالبيت و الاكل و استخلاص الفواتير ، ترسيم الابناء ، نقلهم وتامين عودتهم من المدارس ، المراجعة المنزلية لهم و التدقيق في اختيار الاساتذة اذا ما دخلنا تجربة الدروس الخصوصية و مسؤولية نجاحهم من عدمه .وهي التي تتحمل اعباء نفسية بدلا عن الشريك مثل التقيد التام بالميزانية العائلية و الصبر على مرض الابناء وتحولاتهم النفسية في مراحل نشاتهم .
و بالعودة الى الاسلام فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخيط ملابسه اذا احتاج ذلك ويعد طعامه في اوقات كثيرة ولا يطالب بذلك من احد ويساعد في شغل البيت . ففي الاسلام المراة ليست مطالبة بالطبخ لزوجها واذا اراد ذلك جلب لها من تعينها او يعينها وان لم يكن يقدر ماديا على تلك النفقة تكفل بذلك بنفسه . الاسلام يعتبر المراة شريكة وليست معينة أوميسرة لحياة الرجل .
بترسانة حقوق تعلو بها على مثيلاتها تعيش المراة التونسية بكرامة كاملة .اما بما تتحمله من مسؤوليات مضاعفة فهي تعيش بنصف سعادة . متنازلة عن حقها الكامل في اسعاد نفسها مقابلتوازن عائلي و نجاح اسري..
لعله حان الوقت لتقييم تجربة السنوات التي لهثنا فيها وراء نموذج الاروبياتلنعدل الكفة باتجاه سعادة نستحقها.

مواضيع ذات صلة