نيرون إسرائيل يحرق خيام النازحين في رفح…لبنى حمودّة
لم يتأخر الرد الإسرائيلي على الأوامر الأولية التي أعلنتها يوم الجمعة محكمة العدل الدولية, حيث طالبت فيها إسرائيل بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية و انسحاب قواتها من مدينة رفح, الرد الإسرائيلي تمثل في مجزرة مروعة مساء الأحد, حيث عمد الجيش الإسرائيلي إلى قصف مخيم للنازحين في منطقة تل السلطان, مما أسفر على استشهاد 40 فلسطينيا على الأقل و إصابة العشرات…
يقع مخيم تل السلطان ضمن المناطق الآمنة التي حددتها إسرائيل, وطلبت النزوح إليها في وقت سابق, ويقطنه مئات الآلاف من النازحين, لكنه تحول مساء الأحد إلى أتّون من النار التي أتت على خيام من قماش ومن بلاستيك, وحاصر اللهيب كل من حاول الهروب وعجزت فرق الإنقاذ من التواجد في الوقت المناسب لإخماد الحريق بسبب منع الجيش الإسرائيلي من وصولها إلى المخيم المنكوب, جثث متفحمة بالكامل ومحرقة مروعة, لم نسمع من قبل على مر التاريخ عن حروب وقع فيها منع الضحايا من العلاج, بينما إسرائيل فعلت ذلك منعت الطواقم الطبية من الوصول إلى المخيم, وأغلقت المعابر في وجه المستشفيات الميدانية, وقبل ذلك دمرت وتسببت في خروج 32مستشفى عن الخدمة من أصل 36, عدى المراكز والنقاط الطبية واستهدافها الممنهج لسيارات الإسعاف…
حروق بليغة وأوصال متقطعة وجثث متفحمة هنا وهناك وصراخ الأطفال الجرحى لا يتوقف, صراخ في وجه المجتمع الدولي الأصم الأبكم الذي عجز عن حمايتهم, وعجز عن توفير الحد الأدنى من حقوقهم, حق الحياة, وحق العلاج وحقهم في الكرامة.. مجتمع دولي عجز عن حماية الطفولة في غزة, ولو أن صرخة الطفلة التي سمعناها في نشرات الأخبار خرجت من حنجرة أوكرانية لقامت الدنيا, ولم تقعد, لكن هذا الصراخ يخرج من حناجر عربية في غزة فبالكاد يسمع, تخاذل ولا مبالاة تنديد من هنا وتهديد ووعيد من هناك ثم لا شيء على مدار الثمانية أشهر ونحن لا نسمع سوى قلق و تنديد ووعيد وأوامر و قرارات غير ملزمة, ماذا تنتظر محكمة العدل الدولية لتكون أكثر جدية, وتنتصر للإنسانية وتصدر قرارا يدين إسرائيل بشكل واضح, ويطلب منها وقف الحرب في كامل قطاع غزة, وترفع الأمر لمجلس الأمن كي يتخذ “إجراءات قسرية” وفقا للفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على ذلك في حال تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان.
إن أكثر ما يثير الخوف أن يتأخر المجتمع الدولي في اتخاذ إجراءات رادعة للبربرية والوحشية الإسرائيلية تجاه المدنيين, وأن تتكرر المجازر, وتكمل إسرائيل في رفح سياسة الأرض المحروقة التي بدأتها في مخيم تل السلطان, وأن تصبح غزة وصمة عار في تاريخ البشرية.
لبنى حمودة