هل مازال بعض الآباء يقومون بدورهم ؟
الأب ربّ العائلة والقوّام عليها.. “كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته” (متّفق عليه).. ولكن هل مازال بعض الآباء كذلك ؟ ربّما يظنّ بعضهم أنّ المسؤولية تنحصر في توفير الرفاهة المادية ولكن الأمر أعمق من ذلك… ومع ذلك، بعض الآباء لا ينفق على عائلته في عيد ولا في مناسبة ولا في سائر الأيام.. لا يشتري حتى الحاجات الأساسية ولكن أيضا يسيء معاملة زوجته وأبنائه.. ينشغل فقط بنفسه وبملذّاته.. يظنّ أنّه رجل إذا تحكّم في الرّقاب وأرهب وأرعب.. لا يعرف الحوار ولا يعرف اللطف ولا يعرف الاحترام.. يريد فقط أن يكون هو صاحب الشأن والكل خدم له.. وبعضهم يخون زوجته وآخر لا يبيت في بيته وغيره يستعمل العنف اللفظي والمادّي.. وقد يصل الأمر إلى طلاق تنعدم بعده النّفقة والرعاية وبصفة عامّة لن يبقوا ودّا للعلاقة الماضية “ولا تنسوا الفضل بينكم” (البقرة 237) ولن يضحّي أغلب الآباء بحياته لإسعاد أولاده فتجده ما إن يطلّق أو يترمّل حتى يسارع في الزواج بأخرى ويدخل على صغاره امرأة قاسية وغليظة وربّما يسارع أيضا في تفريخ أولاد آخرين غير أشقّاء فيضيع حقّ الجميع.. والسّيّد يفتخر “برجولته” وعظمته المزعومة… بعضهم يستمتع بتعذيب صغاره لا يعرف المحبّة ولا الحنان بل الغلظة والفظاظة والاحتقار والتعالي وربّما يحسدهم إن نجحوا ويحاول عرقلتهم وتشويه سمعتهم في أماكن عملهم أو عند أصدقائهم… يساعده في ذلك “شيخ” جاهل أو أقارب كالعقارب أو مجتمع لا يعلم آلام النّاس بل يتّبع المظاهر والقوالب الجاهزة…
الأب في الأصل رحمة ومسؤولية وقدوة حسنة لعائلته يعلّمنا القيم النّبيلة ويكون مستقيما وجادّا ومحبّا يحرم نفسه ليعطي لزوجته وصغاره ويضحّي من أجل عائلته يحارب من أجل سمعتها ومن أجل نجاح أولاده وكرامة زوجته وأبنائه.. يسهر الليالي لرعايتهم ويضاعف العمل كي لا يتركهم محتاجين.. هو في الأصل سند مادّي ومعنوي أمام عاتيات الزمن وأمام غدر النّاس فمن تركه أبوه وأهمله وحرّض عليه الناس فلن يرحمه أحد… الأب أسد في المسؤولية لا في العربدة والظلم كما فهم بعضهم ممّن كان ضعيف الشخصية فأراد تعويض نقصه بالبطش والقسوة على زوجته وصغاره… تحيّة لكل أب ثبت على العهد وأحبّ عائلته ورعاها وحماها فهو تاج على رأسها وله منا كل الاحترام والتقدير أمّا الجفاة القساة الظالمون فعلى المجتمع أن يردعهم ويستردّ حقّ الزوجة والأبناء منهم لا أن يساعدهم في بطشهم…
سامي النيفر