“يتيمةُ المخيم… حين يُصبح الغطاء وطنًا والوسادة أنينًا”…اشرف المذيوب

“يتيمةُ المخيم… حين يُصبح الغطاء وطنًا والوسادة أنينًا”…اشرف المذيوب

25 ماي، 20:45

في زقاقٍ ضيّقٍ من أزقة المخيّم، تمشي الطفلةُ الغزّيةُ وحدها، بخطى صغيرة لكنّها أثقل من الجبال. لا تحملُ معها سوى غطاءٍ عتيقٍ مهترئ، ووسادةٍ تلبّستها رائحة الدخان والأسى، تعانقهما كما يُعانق اليتيم بقايا أمّه في الحلم، كأنّ فيهما دفءً من زمنٍ انقرض.
تبحثُ عن زاويةٍ تأوي إليها، مكانٍ لا يسألها من أين جاءت ولا إلى أين تمضي. فالحياة عندها لم تبدأ بعد، والطفولة تساقطت عنها كما تتساقط أوراق الخريف في خريفٍ بلا نهاية.
لا أمّ تسندُ جرحها، ولا أبٍ يشهرُ صمته درعاً بوجه العالم. الليل يقترب، والبرد يمدّ ذراعيه كوحشٍ بلا قلب، والنجوم تراقبها من عليائها، عاجزةً عن احتضانها. ستنام على الأرض، وتحت السماء، كأنها وصمة على ضمير العالم، أو جرحٌ في قلب الإنسانية.
هذه الطفلة ليست حكاية واحدة… بل آلاف الحكايات التي تئنّ كل مساء، وتولد في كل قصف، وتنكسر في كل صمت.
هي اليتيمة التي لم تفقد فقط عائلتها، بل فقدت حقّها في الحلم، في الضحكة، في الطفولة.
وفي وطنٍ تتناثر فيه الأجساد كأوراقٍ محترقة، تبقى هذه الصغيرة عنوانًا للفقد، ومرآةً للخذلان الإنساني.
Facebook

مواضيع ذات صلة