
أحمد الجوادي… ذهبٌ يسبح بين الغياب والواجب الوطني…بقلم: أشرف المذيوب
في زمنٍ تعجّ فيه المنصاتُ بضجيج التفاهة، يخرج من بين أمواج الصمت بطلٌ حقيقي، يكتب المجد بزفراته على سطح الماء. لا يطلبُ تصفيقًا، بل يسابق من أجل رايةٍ تُحمله لاجئًا إلى الخلود… اسمه: أحمد الجوادي.
ليس في الأمر مبالغة… الجوادي اليوم بطلٌ عالميّ، متوَّج بذهبيتين نادرتين في سباقي 800م و1500م سباحة حرة، إنجازٌ قلّ أن يُسجَّل في دفاتر بطولات العالم.
الزمن: 2025
المكان: سنغافورة
الحدث: بطولة العالم للألعاب المائية
النتيجة: ذهبٌ يلمع… واسم تونس يُكتَب بماء البطولة.
■ الجوادي… اسم لا يجب أن يذوب في الماء
كلّ شبرٍ قطعه الجوادي في المسبح، كان صرخةً تقول:
“ما زال الأبطال يُولدون في تونس، لكنهم يُتركون في مهبّ الصمت، ويُنسَون في زوايا الإهمال.”
أحمد الجوادي ليس مجرّد سبّاح، بل قصة مقاومة، وانتصار على التحديات النفسية والجسدية، على العزلة، على الخوف، وعلى غياب الرعاية. هو درسٌ في الإرادة الصافية، في زمنٍ يركض فيه الجميع خلف الفُقاعات.
■ الدولة… حين تتأخر في الوفاء
في بلاد تُمنح فيها أوسمةٌ لمجرد “ترند”، يصبح تكريم الجوادي واجبًا أخلاقيًا قبل أن يكون بروتوكولًا.
يجب أن يُستقبل كما يُستقبل القادة.
أن يُحتفى به في المدارس والمعاهد.
أن يُمنَح الدعم المستحق لتطوير قدراته.
أن يُمثّل تونس في أرفع المحافل، لا مجرّد “مشارك” بل “سفير”.
أليس مشهد الجوادي على منصة التتويج أصدق من ألف شعار عن الاستثمار في الشباب؟
■ الإعلام… حين يخذل الذهب
ما حاجتنا لإعلامٍ يُغرقنا بالغبار، ويتغافل عن الذهب؟
أحمد الجوادي لا يحتاج فقط خبراً عابراً… بل يستحق:
وثائقيًا يحكي رحلته.
لقاءاتٍ تحفيزية في المدارس.
دعمًا من النخبة الإعلامية لتكريسه قدوةً وطنية.
وراء كلّ بطل ملهم، وطنٌ قادر على الإلهام… أو على الإهمال.
■ كلمة أخيرة:
إن تكريم الجوادي هو تكريمٌ للجدّ، للجهد، للقيم الحقيقية التي ما زالت تنبض في هذا الوطن.
هو ليس بطل سباحة فقط… بل تمثالٌ حيٌّ يقول:
“أن تكون تونسيًا، يعني أن تُقاتل في صمت، وتنتصر في العتمة.”
فلنرفعه كما رفع هو علم تونس…
لا تتركوا الذهب يغرق في الصمت.