إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي
أصبحت ، اليوم ، كلّ الوسائل والطّرق مشروعة لإحداث الإثارة أو ال” buzz ” ،كما يقولون، والتّحوّل في لمح بالبصر من نَكرة إلى “نجم” في “سماء المشاهير” !
في السّابق ، كان ال”buzz ” يتمثّل في تحطيم الأرقام القياسية أو إكتشاف أقدم وأشهر وأهمّ المعالم الأثرية أو إختراع ما ينفع الإنسانية : من تلاقيح وأدوية وابتكارات شتّى في المجالات العلمية و غير العلمية ، أمّا اليوم ، فيكفي الواحد منّا ، ليصبح شخصيّة قوميّة و ربّما عالميّة ، الظّهور في منوّعة تلفزيّة أو نافذة “فايسبوكية” بأُذن منقوبة مرصّعة بلؤلؤة مضروبة ، وتسريحة بهلوانية ” مرّيخية” ملطّخة بسوائل لازجة وألوان ” قوس قزحية” وسراويل أمريكية مثقوبة أو أثواب جدّ شفّافة لمّاعة ، وسمات وجوه إصطناعية ، بأغرب و أقبح موادّ وألوان التّجميل مُزركشة مُثقَّلة مطْليّة، أو التّلفّظ بعبارات نابية مخجلة سوقية ، أو حتّى الكُفر المُبرح المعلن المباشر “والعياذ بالله” بطريقة يزعم الجهلة المريضة قلوبهم والخاوية المتكلّسة السّاذجة عقولهم بأنّها طريفة مسلّية ظريفة و”إبداعية”!!
يكفي ،اليوم إذًا ، لأيّ كان أن يفقد صوابه ويُنجِّس لُعابه و يصعّد في وتيرة بذاءة وصلف خطابه ، حتّى يُحدِث ذلك ال”buzz” الملعون ، و يصبح “نجما” له معجبون و متابعون ومناصرون..!
“نجم” يُستدعى في المنوّعات ، ينظِّر وينقد ويمْجُن ويتحدّث عن مشاريعه الإبداعية المستقبلية و كأنّه إبن خلدون زمانه أو زرياب أو أفلاطون!!!
يا له من زمن مغلوط مُعوَجّ مكدوم ، من الجمال والحياء و الرّقّة والرّصانة و اللّباقة والحذاقة “مفطوم” ، زمن فيه المبدعون والمثقّفون والمُصْلِحون في الخفاء والظلّ مَرْكونون ، و سُلَطاء اللّسان والمهرّجون المتحيّلون المتطفّلون في كلّ مكان منتشرون يصولون و يجولون و بمشاعرنا يتسلّون ويتلاعبون ، و من مبادئنا السّامية يستهزؤون و بها يستسخرون ، ومع ذلك ، نِسب المعجبين بهم في تصاعد مخيف مهول مجنون ، يصفّقون بحماسة هِستيرية لهذا السَّقَط الفنّي الأخلاقي الماجن المحموم و يهلّلون و يطربون ويتدافعون ويدفعون !