اخترت لكم فضائل الاستغفار والإنابة…نجيبة المعالج دربال
عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل همّ فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب » رواه اْحمد وبن ماجة . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « من قال أستغفر الله الذي لا إلاه إلا هو الحيّ القيوم وأتوب إليه، غفرت ذنوبه وإن كان قد فرّ من الزحف » رواه الترمذي وصححه الاْلباني .
وشهر رمضان هو من المواسم الإسلامية الّتي يتجلَى فيها الحقُّ سبحانه وتعالى على عِباده بالرّحمة والمغفرة والرِّضْوان. قال صلّى الله عليه وسلّم: « إذا دخل رمضان فُتِّحت أبوابُ الجنّة وغُلقّت أبوابُ جهنّم وصُفّدت الشياطين » رواه مسلم سورة الفرقان .
ومن هنا كان لزَامًا على كلّ مسلم ومسلمة أن يتهيّأ للاستفادة من هذا الشهر المُبارك عن طريق التوبة والإنابة إلى الله و التوبة هي من أجلّ أنواع العبادة، وهي واجبة ومن شروطها الإقلاعُ عن الذنب، والندّمُ على وقوعِه، والعزمُ الصادقُ على عدمِ العودة إليه في المُستقبل، والله سبحانه يُحبّ التائبين ويتقبّل توبتهم ، فسُبحان الذي يمُدّ يده في النهار ليتوب إليه مُسيءُ اللّيل ويمدُّ يدهُ بالليل ليتوب إليه مسيءُ النّهار …
والله يغفر الذنوب جميعا عدا الإشراك بهِ، ولقد اخترت لكم قصّة تبرهن لنا كم هو فضل التوبة عظيم وكم هو الجزاءُ الجميل الذي ينالُه التائب من مولاه في شهر عظيم.
بعد غزوة أُحُد ومقتل سيّدنا حمزة بن عبد المطلب الذي قتله العبد وحشي الذي كان لأميّة بن خلف أهدر الرّسول دمه فهرب إلى القِفار خوفا من القتل ولكن في يوم من الأيّام ألقى اللّهُ في قلبه الإسلام، فكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائلا له : “يا محمد إني أريد الإسلام ولكن منعني من الإسلام آيةٌ أنزلها الله عليك : “والذين لا يدعُون مع الله إلاه آخر ولا يقتلون النفس الّتي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثامًا يُضاعف له العذابُ يوم القيامة ويخلُدْ فيها مُهانا” سورة الفرقان الايتان 68 و69 – وأنا كما تعلم مشرك وقاتل وزان، فأنزل الله سبحانه : “إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما” سورة الفرقان الاية 70 – فأرسل الرسول صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية جوابًا على رسالته فلما رآها أرسل إلى الرسول برسالة أخرى : “يا محمد، إن في هذه الآية شروطا، يريد وحشي ألا تشترط التوبة الإيمان والعملَ الصالح وإنما يريدُها رحمة ومغفرة بدون هذه الشروط ، فأنزل سبحانه وتعالى : ” إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفرُ ما دون ذلك لمن يشاء” سورة النساء الاية 48 – فأرسل الرّسول بهذه الآية جوابا على رسالته الثانية ، ولكنّ وحشيًا لما قرأ هذه الآية أرسل إلى الرّسول برسالة قال فيها : “إن في الآية اختصاصا “، أي إنّ الله يختصُ برحمته من يشاء، وربّما لا تخُصه رحمة الله فأنزل الله سبحانه وتعالى وهو الرحيم بعباده :
“قُل يا عباديَ الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقْنُطُوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا” سورة الزمر الاية 53 – فلما أرسل الرّسول إليه هذه الآية وقرأها وحشيّ أتى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأعلن إسلامه ، وقد شارك مع الرّسول في عدة غزوات وهو الذي قتل مسيلمة الكذّاب في حروب الرّدة وقال : قتلت خيرَ الناس وأنا على جاهليتي وشرّ الناس وأنا على الإسلام… استغفروا ربّكم وتُوبوا إليه لعلّكم تفلحون.
- نسأل الله أن يتوب علينا ويغفر لنا ذنوبنا كبيرها وصغيرها ،ويمنحنا فضلَه وإحسانه، ويجعلنا من الذاكرين له الشاكرين والداخلين في جنة النعيم، ومن الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله. فيا الله تُبْ علينا وارحمنا وعافنا واشفنا ،واهدنا والطف بنا واحفظنا ، ونجِّنا واسبل علينا سترك الجميل ولا تنزع من صدورنا كلمة الحق إلى اليوم الذي نلقاك فيه.يتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الاعمال وإلى لقاء الغد إن شاء الله .
- مع أعطر تحيات نجيبة المعالج دربال .