
البنك البريدي : الإضافة المرجوة مراحل الإنجاز والعراقيل بقلم أحمد فهمي بوجلبان
كثر الحديث في السنوات الأخيرة حول عزم البريد التونسي إنشاء بنكه. و بين رافض للفكرة و مرحبا بها كانت التحاليل تختلف فهناك من يعتبر وجود بنك بريدي في المشهد المالي بتونس قادر على إعطاء بعض التوازن فيما يرى البعض الآخر أن الفاعلين في المشهد الاقتصادي يرفضون دخول مؤسسة البريد إلى القطاع البنكي و بالتالي فإن هذا المشروع صعب التحقيق و سيبقى مجرد مشروع معلق.
فكيف كانت الفكرة و ماهى الإضافة المرجوة للبنك البريدي ان كتب له ان يحدث؟ ما هي مراحل إنجازه؟ و ماهي عراقيل المشروع؟
1- مراحل الإنجاز و الإضافة المرجوة:
لم يسبق في تاريخه ان طالب البريد التونسي بإحداث بنكه، حيث لم يتم إيداع و لو مرة مطلب الحصول على رخصة من طرف البنك المركزي التونسي. و كانت الكواليس تحمل معها رفض الدولة الخوض في هذا الموضوع ، فقط بعض المحاولات الفاشلة في 2017 و بداية 2018 لشراء نسبة من رأس مال البنوك مثل البنك التونسي الإماراتي أو بنك الزيتونة.
و بعد تعطل هذه العمليات تم ادراج مشروع احداث بنك بريدي رقمي ضمن الأهداف الإستراتيجية للديوان الوطني للبريد(استراتيجية 5+1) و فعلا تمت الموافقة على مشروع احداث بنك البريد من طرف وزارة التكنولوجيا و بالتالي و أخيرا الدولة توافق على هذا المشروع و تم رصد 2،5 مليون دينار من أجل ذلك (إعداد الاستراتيجية، تحضير مطلب الرخصة….) على ان يكون رأس مال البنك في حدود 70 مليون دينار.
بداية هذا المشروع كانت بإصدار طلب عروض لاختيار بنك أعمال لمرافقة البريد بتاريخ 31 ديسمبر 2018، و كان الاختيار على بنك CAPBank في أواخر مارس 2019ّّ.
و طلب الرخصة الأولي من البنك المركزي في 31 ديسمبر 2019. و كانت سنة 2020 فرصة من أجل التحضير الجيد لصيغة البنك قبل ايداع مطلب الرخصة النهاية.
و لكن المشروع الذي وافقت عليه سلطة الإشراف يتمثل في بنك بريدي رقمي يقدم خدمات بنكية للمواطنين المتواجدين في المناطق التي لا تتواجد فيه البنوك و ذلك ضمن استراتيجية الدولة لتحقيق الإدماج المالي و الاجتماعي. و هنا تطرح عدة تساؤلات :
لماذا كل هذه الأسباب و المسببات حتى توافق الدولة على مطلب احداث بنك بريدي و لو أن قانون 48-2016 يضبط شروط الحصول على رخصة بنك. كما أن الدولة و رغم امتلاكها لثلاث بنوك عمومية و مساهمتها في عدد كبير من البنوك إلا أنها لم تعمل على التدخل في سياسات البنوك و لم تتمكن لا من تحقيق الإدماج المالي و لا في التخفيض من العمولات .
و كان من الأجدر أن يكون للدولة بنك بريدي يكون قادر لا فقط على تحسين نسبة الإدماج المالي بل في التخفيض من كلفة القروض و من قيمة العمولات الموظفة على الحسابات الجارية .
و هنا نلاحظ تدخل الدولة في مجالس إدارات المؤسسات العمومية و فرض توجهاتها في المقابل تفشل الدولة في الدفاع على مصالح هذه المؤسسات مثلما حصل مع خدمات المراسلات التي لم تتصدى الدولة التونسية للعاملين فيه و المخالفين لمجلة البريد. بل الآن الدولة تشجع و تدفع للاستيلاء على الخدمات المالية للبريد عبر سن مناشير من طرف البنك المركزي لتقنين هذه العمليات.
بالنسبة للبريد فإن هذا المشروع قادر على المحافظة على حرفاء الشيكات البريدية و وقف الهجرة نحو البنوك من أجل القروض. و كذلك تأمين بعض المداخيل لفائدة المؤسسة في ضل تراجع منح الدعم من الدولة و سحبها في بعض السنوات.
2- عراقيل المشروع :
عديد من العراقيل يواجهها المشروع مثل التأخر في بعض المراحل و سياسة الوزارة المتجهة نحو تحرير القطاع المالي تحت غطاء سياسة الإدماج المالي و ذلك عبر دعوة مؤسسات الاتصالات الثلاث إلى احداث مؤسسة دفع .
و إلى حد الآن لم يتم إعلام العموم حول التوجه الرسمي لهذا البنك و خاصة تكوين أعوان البريد في هذه المهنة الجديدة و بداية وضع حجر الأساس للسياسة التسويقية للبنك البريدي الرقمي. و ممكن كذلك التعرض للعراقيل من طرف اللوبي البنكي في تونس و الذي تتحكم فيه بعض العائلات النافذة في الاقتصاد الوطني.
و يبقى المواطن التونسي في انتظار الحصول على بنك قريب منه يوفر، علاوة على الخدمات المالية المتوفرة حاليا في البريد التونسي، خدمة القرض بنسب فائدة و عمولات مقبولة.و كذلك ينتظر باعثي المشاريع هذا البنك من أجل تمويلهم و بالتالي دفع المنوال الاقتصادي والاجتماعي في تونس.
هل سينجز مشروع البنك البريدي؟ هل سيكون هذا المولود الجديد قادر على احداث التوازن في القطاع البنكي التونسي؟ ام سيكون موجها فقط لفئة محددة و بمنتوج بنكي محدد ؟
أحمد فهمي بوجلبان رئيس مكتب بريد بصفاقس وناشط مجتمعي
مقال نُشر منذ سنة ونعيد نشره بمناسبة الحديث عن البنك البريدي