الحلقة السابعة عائد من تونس… الطاهر العبيدي
ضجر وقلق متماوج على أغلبية الوجوه. إحساس بالعجز والاحباط متسربا في احاديث الناس، يصاحبه تيه وضياع أمام غلاء الأسعار..
المقاهي مرصّعة ومتربعة بكثافة في المدن والأحياء..
زحمة السيارات تخنق الانفاس وتعفن الهواء.. والشباب من شرائح مختلفة منكبّين فرادى وجماعات على هواتفهم النقالة، فارّين من الواقع، للولوج الى عوالم أخرى يرونها مختلفة في المكان والزمان. بعضهم يرتدي سراويل ممزّقة مسايرة للموضة، وجلهم من الحالمين
” بالحرقة ” ومغادرة البلاد مهما كانت المخاطر والأثمان. والاحساس بالانتماء للوطن منطفأ لدى هؤلاء، نتيجة اليقين عندهم بأن لا مستقبل لهم في مثل هذه البلاد، التي لم يروا منه سوى ضياع الأعمار وأفول الأحلام. والبطالة تفترس هذه الأجيال..
وفي الجانب الآخر، مريدي قيس سعيد هم باختصار من فصيلة هذا على الحساب قبل ان أقرأ الكتاب.
ومهما شرحت لهم بؤس هذا الإنقلاب، فهم من المؤمنين بالفجر الكذّاب، غير أنه انطفأ هذا الحماس بعد الاصطدام بواقع الحال والاسيتقاظ من الأحلام..
كما ظاهرة بذاءة اللسان تصادفك في كل مكان..
ورغم قتامة الأحوال، فالملاحظ وجود تعاون بين المواطنين فيما بينهم، ما يدلل على أن الخير كامن في هذا الشعب، الذي رغم قساوة ما يمر به الآن، إلا أن قيم التآخي والتآزر باقية رغم تعقد الأحوال..
ويبقى الأمل برغم كل المصاعب مرفرفا عند البعض، اعتمادا على اليقين العقائدي، واستنادا أن تونس لن تهوي مهما ساءت الأوضاع، ولطمتها المحن، دون اختزال ما نتصوره
بأن الشعب التونسي حاليا يتعرّض إلى أكبر عملية تحايل في الخفاء والعلن، كي يشطب فيه الإحساس بالعزة والحلم، ليظل مرتعا للذل، ولأجل تهيئته للقبول الأدنى والأسفل في كل شيء..