الشيطنة السياسية … عبد الكريم قطاطة

الشيطنة السياسية … عبد الكريم قطاطة

23 نوفمبر، 20:45

السياسة كما جاء في تعريفها _ هي فنُُّ وعمليّة تدبير وادارة شؤون المجتمع والدولة وتشمل توزيع القوة والنفوذ واتخاذ القرارات المُلزمة وتنظيم العلاقات بين الحكاّم والمحكومين لتحقيق اهداف معيّنة سواء على المستوى المحلّي او الاقليمي او الدُولي _ …. والمتابع لتاريخ تونس منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا لابدّ ان يلاحظ انّ كلّ من ساسوا بلدنا كانت درجات التوفيق في اهداف السياسة متباينة لكنّها تكاد تكون مشتركة في عنصر واحد وهو من العناصر الهامة واعني به تنظيم العلاقات بين الحكّام والمحكومين ..

نعم وهذا هو بيت قصيد تدوينتي اليوم .. من حكمنا منذ الاستقلال ولحدّ هذا اليوم ودائما بدرجات متفاوتة لم يُوفّقوا في هذا العنصر بالذات لذلك جاءت ردّة فعل المحكومين اي الشعب على هذه الوضعية بالتنديد والتظاهر ..وهنا لابدّ من ان اقف وقفة تحليلة نقدية في تقديري المتواضع لما نعيشه اليوم في علاقة الحاكم بالمحكوم ..دعوني ابدأ القول بانّ ما حدث في 25 جويلية 2021 لا يختلف في شيء عمّا وقع في محطات تاريخية سابقة ..نعم نفس الغضب الشعبي الذي عشناه في جانفي 78 وفي جانفي 84 وفي جانفي 2011 وفي اعتصام الرحيل 2013 ..

ويمكن تلخيصه في عدم رضا الشعب عمّن حكمونا في تونس ..واليوم ونحن نتابع ما يحدث من تحركات احتجاجية في تونس علينا ان نؤمن بانّ هنالك ثلاث جبهات تدير الصراع .. 1جبهة انصار الرئيس قيس سعيّد 2 جبهة مواطنون ضدّ الانقلاب 3 جبهة الدستوري الحرّ … الجبهة الاولى هي جبهة مناصرة غير مشروطة للرئيس قيس سعيّد ولقراراته .. جبهة مواطنون ضدّ الانقلاب هي جبهة رافضة منذ 25 جويلية 2021 لقيس سعيّد معتبرة ايّاه منقلبا على الدستور ..وجبهة الدستوري الحرّ الرافضة لقيس سعيّد والرافضة للنهضة واتباعها منذ 2019 .. والغريب في هذه الجبهات الثلاثة انّها تدافع على نفس الافكار تقريبا فيما يتعلّق بالحرية والديموقراطية وكرامة التونسي ..والكلّ يتهم الاخرين بالاخلال بهذه المبادى الرئيسية لكل مجتمع ..وهنا تكمن الشيطنة السياسية … لماذا اقول هذا .. ؟؟

لانّ السياسة في تقديري فعل ونتائج ..هذا اوّلا وثانيا لانّ السياسة الرشيدة في تقديري المتواضع هي تلك التي توفّر امرين هامّين في حياة ايّ بلد 1 الامن والامان 2 رفاهية العيش لغالبية ابناء الشعب ..دون ذلك ستصبح بقيّة الشعارات شعارات شيطانية استهلاكية لا غير .. لسائل ان يسأل هل يمكن تحقيق ذلك على ارض الواقع ؟ نعم ومثال الدول الاسكندينافية حاليا ابرز برهان فعلي لما اقول ..سؤال اخر قد يتطارحه البعض لماذا لم نستطع تحقيق ذلك او جزءا منه في تونس ؟؟ في تقديري الشخصي اعتقد انّ من حكمنا وخاصة بعد جانفي 2011 لم يبحث عميقا في حاجيات ما نادى به الشباب في احداث ديسمبر 2010 وجانفي 2011 والتي يمكن حصرها في حرية شغل كرامة وطنية .. والشباب كان اذكى ممن حكمونا اذ انّ ترتيب تلك الاولويات كان مهما جدا .. 1 الحرية 2 الشغل 3 الكرامة الوطنية ..واذا خاب ايّ نظام في تحقيق مطلبي الحرية والشغل فعلى الكرامة الوطنية السلام .. وفعلا خاب من حكمنا بعد جانفي 2011 في تحقيق تلك المطالب ودخلت تونس في صراعات ايديولوجية ولا زالت تعيش في نفس المرجل … انا وهذا صرّحت به يوم وقع انتخاب قيس سعيّد رئيسا لتونس لم اكن من انصاره ولكن وارضاء لضميري ولله ..هل كان باستطاعة قيس سعيّد ان ينظّف البلاد من ادرانها ومن شياطينها ؟ لا اظنّ انّه نجح لانّ بلدنا وهذا موقف يلزمني واعلنت عنه سابقا تونس بحاجة الى ديكتاتوري يمسك البلد بيد من حديد شريطة ان يكون عادلا ..

وراجعوا التاريخ ستجدون دولا استطاعت الخروج من كهف الفقر والتخلف بحكام وصفوهم بالديكتاتوريين ..وطبعا نقيض الديكتاتورية كما تعلمون هي الديموقراطية ..هل من حكمنا بعد 14 جانفي كانوا ديموقراطيين ؟؟ قطعا لا راجعوا فترة حكمهم وستكتشوفون انهم كانوا _ من برّة ديموقراطيين ومن داخل من داخل في منتهى التسلّط الشيطاني ..والاغرب وبعد تكوين جبهة مواطنون ضدّ الانقلاب نجد فيها الحمص والزبيب ..وطبعا لمثل هذه التركيبة نجد تفسيرا .. بعض الوجوه التي كانت مناضلة وبشراسة ضدّ الاسلام السياسي اي ضدّ النهضة وائتلاف الكرامة وبتصريحات وفيديوات مسجّلة رأوا في تحالفهم مع جماعة الاسلام السياسي فرصة لخروجهم من حزامهم الجماهيري الضيق الى اضواء اكثر اشعاعا الى تصفيق ومناصرة كمّية من اعداء الامس ..والنهضة ومشتقاتها رأت في انضمام تلك الاسماء اليها انتصارا لها .. اليست هي شيطنة سياسية ؟؟..

وانا كلّي يقين انّ الطرفين تحالفا انطلاقا من فكرة _ اليوم خمر وغدا امر _ تي هات نطيّحوا قيس سعيّد وبعد يعمل الله …وكانت السفينة المشتركة ترفع شعارا واحدا يسقط الانقلاب دفاعا عن الديموقراطية والحرية في حين انّ بعضهم لا يؤمن اصلا بالديموقراطية ويعتبرها في ادبياته كفرا .. اليست هذه هي ايضا شيطنة سياسية ؟؟والسؤال الان كيف سيكون الغد ومن سينتصر على من ومن الخاسر الاكبر ؟ صدقا ولحدّ الان تبدو الامور عندي ضبابية للغاية ولا يمكن ان اجزم بموقف واضح والخاسر الاكبر هو المواطن في قفته وامنه وامانه ..واعيد القول انا اضحك جدا ممن لا يعطي اهمية رهانين من اهم الرهانات _ الامن وقفة المواطن .. الاولوية القصوى لايّ حاكم بل لا اتوانى لحظة واحدة في القول طزززززززززز والف طزّ في شعارات وابن بلدي يعيش على الطوى ولا يحسّ اينما كان بالامن والامان .. انّ السياسة المجدية والتي سيصفق لها التاريخ هي تلك التي همّها الاكبر هو الانسان ..سياسة تحمي المواطن من الجوع ..جوع اطفاله بعيدا عن الذلّ والمهانة .. وسياسة تحترم ايضا حرية المواطن شريطة ان تكون حريّة مسؤولة بعيدة عن الفوضى والتخريب .ومرحبا بكلّ فصيل وطنيّ صادق غير منافق او انتهازي . لتحقيق هذه الاهداف .. .البقية شعارات وشيطنة سياسيّة . ودائما المحد والخلود لتونس ولشعبها ولا عاش في تونس من خانها نعيش ونحيا على عهدها حياة الكرام وموت العظام ……23 نوفمبر 2025

مواضيع ذات صلة