الصفاقسية يتحسرون على باب الجبلي الذي تحول إلى فوضى عارمة
بكثير من المرارة ووسط فوضى بصرية منقطعة النظير يقف المواطن في صفاقس أمام صورتي باب الجبلي حاضرا و ماضيا. وسط كم هائل من ذكريات طفولته و شبابه يتساءل المواطن عن سر هذا التحول العجيب للأشياء نحو الاسوء.
لكل منا في هذا المكان ذكرياته و صوره في الماضي حيث كان يمكن و بساطة و أمان قضاء الحاجيات اليومية و الأساسية دون تكليف النفس بالتفكير في مصير السيارة التي ” يحرسها ” حارس دون ترخيص و دون الشعور بالخوف من التعرض ل ” براكاج” يقوم به منحرف أو بائع دون تصريح. هذا دون الحديث عن عناء تجاوز مطبات النفايات أو ما تبقى من سلع متروكة.
باب الجبلي تحول اليوم من معلم اثري و تاريخي و من مزار سياحي إلى واحد من الأماكن المصنفة بالحمراء اي من غير المنصوح الذهاب إليها.
باب الجبلي القلب النابض لولاية صفاقس وأحد فنون العمارة الأسلامية التي تُميز الجهة وهو ثاني أبواب المدينة العتيقة ومن أهم معالم السياحة فيها تحول منذ فترة إلى سوق يومية للانتصاب الفوضوي فانتشر باعة الخضر والغلال والسمك وحتى الأفارقة الوافدون إلينا افتكوا نصيبهم من رصيف باب الجبلي وجعلوه مكانا للانتصاب ببضاعتهم العجيبة والغريبة.
باب الجبلي يئن منذ فترة من هذه المظاهر العشوائية والتي لم يحرك أي مسؤول ساكنا للتصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي والتي أضرت كثيرا بباعة الخضر والغلال بسوق بوشويشة وسوق الخضر بالبلاد العربي الذين باتوا يتكبدون خسائر بسبب التزامهم بدفع إيجار الدكاكين والضرائب وغيرها من المصاريف التي أثقلت كاهلهم.
السؤال الأهم في كل هذا هو الذي يبقى معلقا حول المسؤول عن كل هذا الكم من الفوضى؟؟؟
الإجابة تأتي هنا في مستويين أولهما أن الإجابة هي الدولة وكل من يمثلها في التخطيط والرقابة والردع و الإجابة الثانية هي المواطن.
عن الدولة فإن الجانب البلدي يبقى هو المسؤول الأول عن القيام بالمهام المنوطة بعهدته مثل القيام بالتخطيط لتوزيع رخص الانتصاب والبيع والرقابة المكثفة على ما يسجل من تجاوزات في استغلال المساح في الفضاء العام الى ترك بقايا السلع ملقاة في الشارع و يأتي بعد ذلك الجانب الأمني المخول له مراقبة التجاوزات الخطرة ثم يأتي و بعد كل هؤلاء تراجع دور المعهد الوطني للتراث و تقلص حجم سلطته على المعالم التاريخية و الاثرية.
أم عن المواطن فهو مسؤول بدوره عن تشويه صورة معلم بهذه العراقة وهذا الحجم من خلال عشوائية ترك النفايات في كل مكان وغياب الوعي اللازم لديه خصوصا مع اعتبار المكان جزءا هاما من الذاكرة الوطنية.
حالة باب الجبلي كحالة البلد لا يمكن فصلهما عن سياق تحول كل شيء فيهما الى كثير من القبح وانعدام الذوق.