
برج غزة بقرقنة يناديكم….مصدّق الشريف
في تونس، لا نشك لحظة في أن مشاعرنا وقلوبنا وعقولنا مع القضية الفلسطينية قولا وفعلا من أجل استقلالها التام وإستقلال أراضيها من الماء إلى الماء واسترجاع عاصمتها القدس الشريف. ولا نشك لحظة أيضا في أن جميع التونسيين والتونسيات بودهم لو يتقاسمون قوتهم اليومي وماءهم وشرابهم وثيابهم مع أشقائهم في فلسطين الأبية. بل هم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
ولا نختلف في أن المجهود المبذول لإيصال المؤونة والأدوية والأغطية عظيم وجبار يذكر فيشكر. ولكن لا ننس أيضا أن الدعم المعنوي ضروريّ وجدّ مهم في هذه الفترة الحرجة والعويصة التي يعيشها شعبنا في فلسطين الحبيبة ولاسيما في غزة الأبية. فكل كلمة وكل صورة وكل رسم ينادي بحقوق الفلسطينيين ويعرف بقضيتهم العادلة ويعبر عن حقهم في العيش بكرامة وعزة نفس هو إسهام لا يمكن الاستهانة به.
وفي هذا الإطار، يُعدّ متحف ومركز سرسينا بالعباسية بقرقنة منذُ اندلاع الحرب على غزّة مشروعا فنيّا عمقه نضاليّ ويتمثل في إقامة مجسم يفضح فضائع إبادة الانسان تحت أنظار العالم وبمتابعة مباشرة من وسائل الاعلام. وتفاعلا مع الهبة الوطنية لمساندة غزّة وتعبيرا من أهالي قرقنة عن تمسّكهم بالقضية الفلسطينية، يعرض عليكم متحف ومركز سرسينا بالعباسية مشروعا لصنع حدث رمزي لفضح الفظائع المرتكبة في حقّ الانسان بشكل لم تعرف البشرية نظيرا له مطلقا.
وقد انطلقت أشغال بناء بُرج غزّة بقرقنة يوم 18 سبتمبر 2025 إيمانا بأصحاب المشروع بدور الإعلام وتكنولوجيا الاتصال في فرض التطبيع مع بشاعة سحقِ البشرِ وإبادتِه وستكرّم قرقنة غزة بفضح هذا الاعلام الماكر الذي جعل من سحق غزّة بضاعة في أجهزتّنا.
وأبرز ما جاء في حديثنا مع الأستاذ عبد الحميد الفهري، مدير مركز سرسينا قوله: “إنّنا بقرقنة عموما، لا المتحف ومركز سرسينا وحدهما، بل كل الأطراف الرسمية والجمعيات والفاعلين في المجتمع المدني، سننجز برج غزّة: سيكون فضحا لنقل مباشر لسحق البشر
سيكون بناء برج بهيكل معدني طوله أربعة أمتار على قاعدة من الاسمنت المسلح علوّها مترا واحدا، ونعلق على الهيكل المعدني شاشات معطّبة من كلّ الأحجام مكتوب عليها الكلمات التخديرية المستعملة في وسائل الإعلام كلها دون استثناء بكل اللغات، ونلصق على بعضها صور بشاعة الإبادة التي نقلتها هذه الوسائل.
إننا نعتبر أن كل طرف رسمي أو مستقل، مهما كان تصنيفه، مؤهل للدفاع عن الانسان كيف ما كان وأين ما كان، ويكون بالضرورة مستعد لتبنّي مشاريع الدفاع عن البشر ودعمها، ناهيك تحويل مشاهدة نقل مباشر لإبادة الانسان للإنسان باستعمال الصورة كبضاعة إعلامية لترويج كل أشكال الرّداءة بما فيها الذوقية…
ونحن بقرقنة ككلّ مكان، أوفياء لمبادئ نشترك فيها مع كل البشر المحبين للبشر، ونرغب في التعبير عمّا يختلجنا بصفة إبداعية في حدود إمكانياتنا المتوفرة…
والبرج المنتظر هو حركة نبيلة نريد بها تشريك المتحمّسين للحقّ والعدل، لعلنا ببنائها نحقّق رمزية استعادة ذرّة ممّا يفقده الانسان في كل لحظة من انسانيته”.
إنّنا نؤمن بأنّه بإمكاننا جميعا دعم كل المحاولات العظيمة التي تعمل ليلا نهارا من أجل أن يسمع كل العالم بمآسي الفلسطينيات والفلسطينيين وما تتعرض له غزة من حرب إبادة من قبل الكيان الصهيوني بدعم لا محدود من الولايات المتحدة الأمريكية في ظل صمت مخز للأنظمة العربية العميلة والرجعية.
إن من بينا من يحيي تاريخ فلسطين ويدافع عنه متجاوزا كل الصعاب والعراقيل. فهلاّ مددنا أيدينا إلى مشروع غزة؟
مصدق الشريف