بمناسبة عيدنا الوطني : كيف نحافظ على استقلالنا ؟
تمر علينا اليوم ذكرى عزيزة وغالية على قلب كل تونسي حر وهي عيد الاستقلال وفي الدول الأخرى يسمى العيد الوطني وهي قطعا المناسبة التاريخية الأهم في كل دولة إلا أننا في تونس لم نعد نوليها الأهمية اللازمة ومظاهر الاحتفالات بها شبه منعدمة خاصة في السنين الأولى للترويكا التي سعت لتفكيك البلاد وطمس تاريخها وبفضلها وبفضل الشيخين وأغلب السياسيين والأحزاب حتى لا نقول كلهم أصبح استقلالنا في خطر.. لو كنا نقرأ التاريخ جيدا لعلمنا أن السبب الأول للاستعمار الفرنسي كان كثرة الفساد وسوء التصرف المالي والإداري والغرق في الديون وهو نفس وضعنا الحالي مع الأسف ولكن مع فرق بسيط أنه في الماضي كنا مرتبطين بفرنسا فقط والتي استفادت من خيرات تونس ولكنها استثمرت فيها ببناء الطرقات والقناطر والسكك الحديدية وعديد المنشآت الفلاحية والصناعية والخدماتية أما الآن فتتنافس علينا دويلات طماعة بأجندات مشبوهة على غرار تركيا وقطر والإمارات ومن لفّ لفّهم ويتشتّت الوطن العزيز بين هؤلاء الذين لم يكونوا شيئا مذكورا بالأمس القريب.. وكأننا الآن نتسوّل أو نتوسّل إلى الدول أن تستثمر في تونس وتنهب من خيراتنا دون ضمانات كافية وهو مدخل خطير للاحتلال وأخطر منه غرقنا في الديون غير المدروسة واستيرادنا لفواضل بلدان أخرى ولسلع غير مرغوب فيها بالعملة الصعبة وغياب وحدة الشعب التونسي الذي قسّمه هؤلاء القادمون من وراء البحار ومحاولة تهميش تاريخه وهُويته وأصالته وثقافته وانفتاحه على الحضارات الأخرى مقابل تبليده وتمييعه وتحقير العلم وضياع الأخلاق وقيمة العمل حتى أصبح سعر الدينار مخجلا أمام العملات الأجنبية فمنذ 10 سنوات فقط كان الدينار يساوي 1200 مي أمام الدولار الأمريكي و2200 مي أمام اليورو الأوروبي رغم الفساد الذي كنا فيه ولكن الوضع تفاقم خلال هذه السنوات العجاف التي كثر فيها الهرج والمرج ومن معاني الهرج القتل كما في أحد أحاديث الرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم.الحفاظ على الاستقلال أهم من الاستقلال نفسه والسيادة الوطنية في خطر أمام الأجانب مع تعفن الوضع السياسي وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي وضعف الإنتاجية وتخريب المنشآت والمؤسسات والبنية التحتية وتراجع قطاعات الصحة والتعليم والنقل والسياحة بل إننا أصبحنا نشهد انقطاعات مفاجئة للمياه والتيار الكهربائي (واليوم فقط حصل أحدها بطريق تونس لمدة ربع ساعة) وكثر الفقر والجوع مقابل الثراء الفاحش وتغلغل الفساد فينا وغياب التنمية والعدل والعدالة الاجتماعية..علينا نحن التونسيون أن نعود إلى وحدتنا وصلابتنا وأن نعود إلى العلم والعمل والإنتاجية وأن نستثمر في خيرات بلادنا الفلاحية والصناعية وأن نتوحّد ونتعاون حتى تعود لتونس مناعتها وهيبتها بين الدول وحتى لا ترتهن قراراتنا للآخرين.. بهذا فقط نحافظ على استقلالنا وكل عام وتونس بألف خير.
سامي النيفر



