تعبُُ كلّها الحياة … ولكن…عبد الكريم قطاطة

تعبُُ كلّها الحياة … ولكن…عبد الكريم قطاطة

16 جويلية، 21:45

هكذا وصف ابو العلاء المعرّي الحياة بقوله _ تعبُُ كلّّها الحياة فما اعجب الا من راغب في ازدياد _ من زاوية اخرى يعتنق آخرون مقولة اندري مالرو _ الحياة لا تساوي شيئا ولكن لا شيء يساوي الحياة _ وبين هذا وذاك نعيش حياتنا .. فبقدر ما نتفهم مالرو وتعلّقه بالحياة بقدر ما نتفهّم بل ونعيش احيانا ما عبّر عنه المعرّي وتعبنا من الحياة … صدقا عايشت في الفترة الاخيرة شيئا مما عبّر عنه المعرّي .. ولانّي من طبعي ان اكتب لكم دون قفاز ها انّي اشرح لكم الوضع .. مرض عيني اليسرى الذي لم يستجب لايّ دواء … اي نعم انا صابر وراض باقدار الله ..

لكن وجدت نفسي اعيش سجنا من نوع خاص ..ضبابية الرؤية تجبرني على عدم الخروج كثيرا ..على عدم التركيز كثيرا للقراءة والمشاهدة … انا اعيش حالة يمكن ان تفهموها في المثل الشعبي _ ذبانة ما تقلقش اما تدرّه الخلايق _ وحالة السجن التي اعيشها تدفع بي دائما الى التفكير في اشياء عديدة .. منها مثلا انقطاعي عن رؤية اصدقائي ..منها مثلا الاستمتاع بالبحر .. منها مثلا الاستمتاع بسهرات الصيف ..وانا الكائن الصيفي بامتياز ..لكن ما احسست به اخيرا وبشيء من الاكتئاب والحزن .. بُعد ابنتي كرامة وولدي كروان عنّي .. وهنا احكي عن وجودهم اليومي معي ومع زوجتي .

وللامانة هما من الابرار في تعاملهما معنا … ابرار بكل ما في الكلمة من عمق …اتفهم جدا واقعهما وهو واقع جلّ الابناء الذين يغادرون المنزل الابوي في مرحلة اولى ثمّ البلاد في مرحلة ثانية بحثا عن رزقهم …وهو ايضا واقع جلّ الآباء والامهات الذين يجدون انفسهم يوما في حيرة بين تفهّم اوضاع ابنائهم وبين اعصار الشوق لهم ولوجودهم وهو اشدّ انواع الاعاصير عندي … انا ادرك جيّدا انّ الظروف هي التي تجبر الابناء على الابتعاد عن عائلتهم ولكن ماذنبي وانا الملآن بما عبّر عنه ابراهيم ناجي في قصيدة الاطلال وهو يقول .. _ وحنيني لك يكوي اضلعي … والثواني جمرات في دمي _ هذه فضفضة لم اتركها في صدري ..فلا تقلقوا ولا تجزعوا .. لانّي رغم السجن ورغم الوجع ..لي اصدقاء في الحياة هم البلسم … ولي ايضا يوزرسيف الذي يبدو انه احسّ بما في داخلي ووعدني بعدم تركنا انا ومنية ماميته ابد الدهر ..مرة اخرى لا تنزعجوا ..انا بخير مادام الانسان بداخلي بالف خير … اطمئنوا بالحلو بتمرّ بالمرّ بتمرّ …

مواضيع ذات صلة