حديث الجمعة ما حكم الشرع في شراء المصوغ بالتقسيط الميسّر؟
السؤال: ما حكم الشرع في شراء المصوغ بالتقسيط الميسّر؟
الجواب: الدّين هو مال حكمي يحدث في الذمّة ببيع. وهو مشروع جائز لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282] فالآية تدلّ على أنّ من الديون ما يكون مؤجّلاً وقد جاء في السنّة عن السيّد عائشة أن رسول الله ﷺ اشترى من يهودي طعاماً إلى أجل ورهن درعاً له حديد رواه مسلم. وهو يدلّ على مشروعيّة تأجيل الأثمان، وقد أجمعت الأمّة على الجواز.
وحكمة مشروعيّة ذلك الرفق بالمدين وتمكينه من الاكتساب ما يريد تحصيله. فإذا قبل البائع البيع بالتقسيط جاز، لكن من شرطه أن لا يكون ذهباً ولا فضّة لأنّه ينقلب إلى صرف.
ومن شروط صحّة الصرف التقابض؛ أي: تقابض الثمنين في مجلس العقد، أي: قبل افتراق المتعاقدين بأبدانهما، فلو اشترط الأجل فيه فسد، لأنّ ذلك يمنع القبض، وإذا لم يستحقّ القبض لم يتحقّق شرط صحّته، وهذا ما صرّح به الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة والحنابلة لقوله ﷺ: «الذهب بالذهب والفضّة بالفضّة والبرّ بالبرّ والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم» رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه. فمن لوازم شراء الذهب المقابضة والحلول. قال ابن المنذر: لقد أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أنّ الصرف فاسد لقول النبيّ ﷺ: «الذهب بالورق رباً إلاّ هاء وهاء» رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنّسائي.خلاصة القول: أنّ شراء المصوغ بالتقسيط الميسّر إن كان المثمن مصوغاً ذهباً ممتنع لأنّه من باب الصرف، والذهب بالذهب مؤجّل ممتنع.
وفي غير ما ورد في الحديث جائز إذ أنّه يجوز في البيع شرعاً أن يكون الثمن حالاًّ أو مؤجّلاً لأجل معلوم بثمن معلوم إلى زمن معلوم لأنّ فيه تيسير على النّاس، والنّاس على شروطهم إذا لم تخالف العقود النصوص الشرعيّة.
الشيخ كمال الدّين جعيّط
المصدر: مختارات من آثار سماحة الشيخ كمال الدّين جعيط مفتي الجمهوريّة سابقاً: ص140