حديثُ الجمعة : إعراض المؤمن عما لا يُفيد من الأقوال والأفعال
على المسلم الإعراض عما لا يفيد من الأقوال والأفعال، وأن يعلم أنه سيجد في صحيفة أعماله يوم القيامة ما نطق به من خير وشر، ويحرم عليه الخوض في أعراض المسلمين وتتبع عوراتهم والتنقيب عن مساوئهم ويجتنب المجالس المشتملة على اللغو والكلام المحرم من الحديث في أعراض المسلمين وإشاعة الفاحشة والطعن في الأعراض مع نصح من يقوم بمثل هذه الأمور المحرمة.ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى إن الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة – يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها – غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: (هي في النار…).وعن ابن عمر قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: (يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله).ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: “ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك”.
ومما يدل على خطورة اللسان ما ورد من أحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها: عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث (أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟! فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك). فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء أن يعبده، أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله!وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات.
وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم). وقال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت). وعند مسلم: (إن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين ما فيها، يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب). وعن سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: قلت: يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً، لا أسأل عنه أحداً بعدك، قال: (قل: آمنت بالله، ثم استقم). قلت: يا رسول الله! ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: (هذا). فأَمْرُ اللسان أمر عظيم، على المرء أن يحترس منه، ويراقب كلامه، ولا يقول إلا ما فيه خير، ويمسك عما سوى ذلك؛ فأيسر حركات الجوارح حركة اللسان، وهي أضرها على العبد.
اسلام واب