حديثُ الجمعة : صلاة أصحاب الأعذار صلاة المريض وصلاة المسافر
من يسر الشريعة الإسلامية مراعاة الحاجة والاضطرار، إذا شرعت أحكام نتمكن المتعبد من أداء عبادته على وجه التيسير في حالات لا يتمكن فيها من ادائها على الوجه المطلوب كالمرض والسفر ونحو ذلك، فما الأحكام الخاصة بالمريض والمسافر إذا عجز عن أداء الصلاة على الوجه المطلوب؟
من رحمة الله تعالى على المسلمين أنه جعل العبادة على قدر المستطاع، فلم يلزم المريض أن يؤدي الصلاة الصحيح، فإن كان قادر على القيام صلى قائما، وإن لم يستطع صلى قاعدا، وإن لم يستطع القعود صلى على جنبه على أن يكون وجهه إلى القبلة، فإن لم يستطع صلى على ظهره وتكون رجلاه إلى القبلة وإلا على حسب حاله، فالله تعالى يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) سورة التغابن، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعمران ابن حصين رضي الله عنه: (صلى قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب)رواة البخاري، ومع ذلك التيسير الذي أقرته الشريعة قال العلماء أن المريض إذا صلى قاعدا واستطاع السجود وجب عليه ذلك، وإذا صلى قاعد وعجز عن السجود فإنه يشير ببدنه إلى السجود والركوع ويكون سجوده أخفض من ركوعه، فإن شقت عليه الإشارة ببدنه أشار برأسه، وكذلك إذا صلى على ظهره أشار برأسه، و أقرت الشريعة أيضا أن المريض إذا شق عليه التطهر لكل صلاة أو تشق عليه الصلوات في أوقاتها، فله الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت الأولى أو الثانية حسب الأنسب له، ومع كل هذا التيسير لا تسقط الصلاة على المريض بأي حال مادم عاقل بشكل كامل، فلا ينبغي عليه التهاون في الصلاة بسبب المرض وعليه الإجتهاد فى أداء الصلاة، و إذا كان المريض يغمى عليها أياما ثم يفيق فإنه يصلي حال إفاقته حسب إستطاعته وليس عليه قضاء الصلوات التي مرت حال إغمائه، ولكن إذا كان إغمائه يسيرا يوم أو يومين فعليه القضاء متى تيسر له ذلك.
صلاة المسافر:
بسبب المشقة الكبيرة التي يلقاها المسافر خلال رحلته، أقر الشرع له قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، كما أجاز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فالله تعالى يقول: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا)، و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي بنا ركعتين حتى رجعنا) رواه النسائي، ولا يشترط مسافة معينة في السفر، فكل ما يطلق عليه عرفا كلمة السفر فهو سفر تقصر فيه الصلاة، و يبدأ القصر للمسافر بعد مغادرته لمساكن البلد التي يسكنه، ولا يجوز له القصر وهو في دار الإقامة، لأنه لا يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر إلا بعد خروجه، و إذا وصل المسافر بلد و أراد الإقامة بها أربعة أيام فأكثر فإنه يجب عليه الإتمام، و إن نوى الإقامة أقل من أربعة أيام جاز له القصر، وإن لم ينوي إقامة معينه بل له غرضا متى إنتهي رجع فيجوز له القصر حتى يرجع، و لو زادت المدة على أربعة أيام، و إذا صلى المسافر خلف إمام مقيم وجب عليه الإتمام حتى لو لم يدرك معه إلا ركعة واحدة، أما إذا صلى المقيم خلف مسافر يقصر الصلاة وجب عليه أن يتم صلاته بعد تسليم الإمام، ولا يلزم أن يكون الجمع والقصر معا فقد يجمع ويقصر، وقد يجمع ولا يقصر، و أثناء السفر عادة ما يكون الإنسان راكبا وسيلة للنقل كانت في الماضي بعيرا أو فرسا، ثم أصبحت سيارة أو قطارا، ثم تطورت إلى الطائرة ونحوها، وأيا كان نوع الوسيلة فإن المسافر يصلي النافلة دون ما حرج لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة على راحلته، حيث توجهت به، أما إذا كانت فريضة فرضت الصلاة إذا كان لا يستطيع النزول من وسيلة المواصلات لأي سبب كان وعندها يصلي بالشكل المعتاد، حيث يستقبل القبلة و يركع ويسجد بالكيفية المعتادة إذا كان قادرا، وإن لم يستطع إستقبال القبلة أو الركوع والسجود فيلزمه الإستقبال عند تكبيرة الإحرام، ثم يصلي حسب ما توجهت به الحافلة ويومئ بالركوع والسجود، ومن الأعذار أيضا المبيح لجمع الصلوات في المسجد المطر وذلك بسبب المشقة، لكن النساء اللاتي يصلين في البيت لا يشرع لهن ذلك.