حديثُ الجمعة : كتابة مقادير الخلائق
كَتَبَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ أقدارَ الخَلائقِ في اللَّوحِ المَحفوظِ، وهي واقِعةٌ وَفْقَ ما قَضَى اللهُ عَزَّ وجَلَّ وقَدَّرَ، وهي كِتابةُ عِلمٍ وإحاطةٍ بما سيَكونُ وليْست كِتابةَ جَبرٍ وإكراهٍ، ومِن خَصائصِ العقيدةِ الصَّحيحةِ في الإسلامِ الإيمانُ بالغيبِ، ومنها ما كان مِن عِلمِ الأزَلِ عِندَ اللهِ سبحانَه وتَعالَى.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ «كَتَبَ» أي: أمَرَ القَلمَ أنْ يَكتُبَ في اللَّوحِ المَحفوظِ، «مَقاديرَ الخَلائقِ» وهو قَضاءُ اللهِ وحُكمُه الَّذي قَدَّره على الخلائقِ أزلًا قبْلَ وُجودِ الكائناتِ، فكَتَبَ عِلمَه بالأشياءِ قَبلَ كَونِها، وقَبلَ أنْ يَخلُقَ السَّمواتِ والأرضَ بخَمسينَ ألفَ سنةٍ؛ فلا تَبديلَ ولا تَغييرَ؛ فكلُّ شَيءٍ كائنٍ إلى يومِ القيامةِ، فإنَّه مَكتوبٌ قدِ انتُهِيَ منه، فما أَصابَ العبدَ لم يَكُنْ لِيخطِئَه، وما أَخطأَه لم يَكُنْ لِيُصيبَه.
وكان عزَّ وجلَّ عَرشُه عَلى الماءِ قبْلَ خَلقِ السَّمواتِ والأرضِ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ الماءَ والعرشَ كانَا مَبدأَ هذا العالَمِ؛ لِكَونِهما خُلقا قبْلَ خَلقِ السَّمواتِ والأرضِ.
والعَرْشُ: هو عرْشُ الرَّحمنِ الَّذي استوَى عليه جلَّ جلالُه، وهو أعْلَى المَخلوقاتِ وأكبرُها وأعظمُها، له قَوائِمُ، وله حَمَلةٌ مِن المَلائِكةِ يَحمِلونَه، وصَفَه اللهِ بأنَّه عظيمٌ وبأنَّه كريمٌ؛ فوصَفَه بالعَظمةِ مِن جِهةِ الكَمِّيَّةِ، وبالحُسنِ مِن جِهةِ الكَيفيَّةِ.
الدرر السنية