حديثُ الجمعة : كيفية أداء صلاة القضاء
قسّم أهل الفقه مسألة قضاء الصلوات إلى حالتين، ويختلف الحكم تبعاً لحالة كلٍّ منهما، وبيان ذلك فيما يأتي
فوات الصلاة بعذرٍ مسألة فوات الصلاة بعذر فيه عدة أمور ، نبينها على النحو الآتي: يستحب للمسلم الذي فاتته صلاةُ فريضةٍ بعذرٍ التعجّيل في قضائها لكي يُبرء ذمّته. نسيان الصلاة والنوم عنها من الأعذار المقبولة لفوات الصلاة والتي ذكرها العلماء في المسألة، شريطة ألّا تتعدّى حدود المعقول والذي قد يشير إلى التفريط والتساهل. يتمّ تقديم أداء الصلاة الفائتة بعذرٍ على أداء الصلاة الحاضرة التي لا يخاف فوات وقتها ولو لم تكن في جماعةٍ.
فوات الصلاة بغير عذرٍ وفيما يأتي بيان للمسائل المتعلقة بفوات الصلاة بغير عذر: المسلم الذي فاتته صلاةُ فريضةٍ بغير عذرٍ، يجب بحقّه أداؤها على الفور، وأنْ يُعجّل قضائها دون تأخيرٍ، إبراءً لذمّته.
قال أهل العلم في قضاء الصلاة بغير عذر: والأصل ألّا يصرفه شيءٌ عن أدائها إلّا انشغاله بالحاجات الأساسية، مثل: تحصيل قوت يومه وقوت عياله، والنوم، وتناول الطعام، وأداء الصلوات الواجبة. جاء الأمر بوجوب أداء الصلاة الفائتة بلا عذرٍ على الفور، ويكون ذلك حتى لو استوعب قضاؤها جميع وقته، وهذا من باب التغليظ على المتساهل والمفرّط بأداء الصلاة على وقتها.
أشار أهل العلم إلى أنّه في حال شقّ على المسلم قضاء كلّ ما فاته دفعةً واحدةً فيجوز له عندها قضاء ما فاته من الصلوات على قدر الإمكان والاستطاعة؛ كأنْ يُصلّي مع كلّ صلاة فرضٍ حاضرٍ فروضاً فائتةً بنية قضاء شيء ممّا فاته.[٢] لا يعدّ الانشغال بالعمل والدراسة ونحوهما أعذاراً تبيح تأخير الصلاة عن وقتها، والمولى -سبحانه- امتدح في القرآن الكريم شأن أولئك الذين لا تلهيهم المشاغل عن ذكر الله وإقامة الصلاة؛ فقال عزّ وجلّ: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ).[٣][٤]
حكم صلاة القضاء بيّن أهل العلم والاختصاص عدّة أحكامٍ تتعلّق بقضاء الصلاة، وفيما يأتي تفصيلها: قرّر أهل العلم أنّ الصلوات التي تفوت المسلم ولم يصلّها في وقتها تعدّ ديناً لازماً في ذمته، ويلزمه بفواتها القضاء، وقدّ صحّ الخبر فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (أتَى رجلٌ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال له: إن أُختي نذَرَتْ أن تَحُجَّ، وإنها ماتَتْ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو كان عليها دَينٌ أكنتَ قاضِيَه قال: نعم، قال: فاقضِ اللهَ، فهو أحقُّ بالقَضاءِ)،[٥] وفي هذا أيضاً يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (مَن نسِيَ صلاةً فليُصَلِّ إذا ذكَرها، لا كفارةَ لها إلّا ذلك).[٦][١] ذهب كثيرٌ من الفقهاء إلى أنّ قضاء الصلاة يصحّ في أي وقتٍ، غير أنّه يستحبّ ترتيب الفوائت، ويستحسن بالمسلم مراعاة ذلك خروجاً من تعدد آراء العلماء في المسألة.[١] ترتيب الفوائت يُقصد به عند أهل العلم أنْ يؤدّي المصلّي ما فاته على نسق وترتيب وتتابع الصلوات المعروف؛ فإذا فاتته المغرب والعشاء مثلاً، صلّى المغرب أولاً، ثم صلّى العشاء، وقالوا: يسقط الترتيب بحال النسيان أوالجهل، أو إذا خشيَ خروج وقت الصلاة الحاضرة، منفرداً أو جماعةً.[٧] ذهب الفقهاء في حكم المغمى عليه بأنّه لا يجب عليه قضاء الصلوات التي فاتته فترة الغيبوبة، وقاسوه في ذلك على المجنون لاشتراكهما بفقد العقل، حيث يقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ)،[٨] واستدركوا فقالوا: إذا فاق منها قبل خروج وقت الصلاة التي حان وقتها لزمه قضاؤها، وقضاء الصلاة التي قبلها، وهي التي تُجمع معها، كصلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء؛ ويسنّ له قضاؤها إن فات وقتها.
مراجع مختلفة