حقيقة صراع الحضارات …أ.د الصادق شعبان
حقيقة صراع الحضارات …
كنّا نقول أن العالم ليس في صراع و كنا نؤمن بحوار الحضارات و كنّا ندعو الى الحوار و أقمنا ندوات و شاركنا في صياغة مواثيق و أحدثنا كرسيّا للأديان و كراسي اخرى تنادي للتضامن و للمحبة بين الشعوب …
لكن الأحداث كانت تمشي في إتجاه معاكس و كلها تؤكد ان الغرب كان يتعامل من منظور الصراع …
الغرب كان يؤمن بأن الصراع بدأ … و بدأ منذ مدة … وهو من زمان يعد له العدّة … و نحن مغفلين نؤمن بمبادئ الأنوار و بالقوانين الدولية و بالمؤسسات الإنسانية و بالمحاكم التي سوف تعيد الحقوق للشعوب …
دمّروا العراق باسم حماية الإنسانية من أسلحة الدمار الشامل ، و صنعوا لنا ربيعا لا زهور فيه و لا إخضرار ، و كسروا سوريا و قسموا اليمن و ليبيا … قتلوا قادة وطنيين و هجروا آخرين و شيطنوهم… و ركّزوا أنظمة و صنعوا عملاء أغدقوا عليهم المال في اطار جمعيات و شعارات و مشاريع وهمية لخدمة أجنداتهم الواضحة …
في هذه السنين الني مرّت كان لي الوقت الكافي لأتابع مئات البلاتوات و آلاف النقاشات في القنوات الغربية …
تأكّدت من أن صراع الحضارات في طور متقدم و أن الغرب متضامن بشكل غريب و أن الكراهية للحضارات الأخرى بلغت حدا لم يكن من الممكن على قادة الرأي الغربي اخفاؤها في البلاتوات كما كان الأمر في السابق …
العمّ سموال هنتنتونغ كان على حق … لم يكن يدعو لتجنب الصدام كما كنا نعتقد … أبدا … كان يدعو الغرب الكاثوليكي للتهيؤ للعدو الجديد بعد الإنتهاء من المنظومة السوفياتية ، و يدعو الى ضبط الأهداف الجديدة و التنظّم للمجابهة الجديدة …
من زمان ، الحلف الأطلسي تغيّر … حقوق الانسان بيّنت جدواها في هدم المعسكر الشرقي كما قال بريجنسكي و أصبحت السلاح الجديد ، و نشر الفوضى داخل الدول هي الطريق للتموقع فيها … المال أصبح السيّد ، و كل البرامج الغربية أصبحت تنفّذ بالوكالة ،من متخصصين محلّيين … بأقلّ كلفة و بجدوى مضمونة …
أدعوكم لقراءة أحداث الثلاثين سنة الاخيرة من هذا المنطلق …
أوكرانيا تلقى دعما لا حدود له لإغراق روسيا في خندق جديد …
الصين محاصرة من كل مكان و في كل مجال …
اسرائيل لها صك على بياض ، و كل ما تريد من سلاح و أموال و إمدادات ، لتفكيك المنطقة و اعادة الخريطة ، حتى لو أدى ذلك الى إبادة شعب بالكامل و تشريد سكّان آخرين …
بعد تدمير غزّة ، الآن ترويض لبنان ، ثم إخضاع إيران ، و ابتزاز الخليج ، و عزل مصر ، و إسكات البقية …
نحن اليوم ضحايا هذا الصراع … و لا قوة لنا في المجابهة …
لكن لنفهم ما يجري ، و لا نكن دراويش هذا القرن ، و نعطي لابنائنا التحليل الصحيح ، و ننصحهم باتباع الطريق الصحيح …
لا نعتبر الغرب هو الصديق … و ليس بالضرورة أعتباره العدو … و لنفكّر مليّا في مصالحنا البعيدة و نربّي الاجيال على هذا …