حين تتوضأ الروح… ينجح العقل…اشرف المذيوب

حين تتوضأ الروح… ينجح العقل
(عن دور القرآن والصلاة في صناعة التفوق)
في زمنٍ يُقاس فيه النجاح بعدد الأصفار في كشف النقاط، وفي عصرٍ باتت فيه الشهادات هي مقياس القيمة، يغفل كثيرون عن ذلك السرّ الهادئ الذي لا يُدرّس في المدارس، ولا يُقاس في الامتحانات.
ذلك السرّ الذي يُعيد ترتيب الفوضى داخلنا، ويصنع من الضغط سلمًا للصعود لا عبئًا للسقوط…
إنه الصلاة،
وذلك المنبع الذي لا ينضب، إنه القرآن.
📖 محمد أمين كمون… حين يكتب التفوق بلغة الروح
في تونس، حيث تتنافس العقول في موسم البكالوريا، لمع نجم شاب لم يكن تفوقه مجرد رقم… بل قصة.
محمد أمين كمون، صاحب أعلى معدل جهوي بولاية صفاقس: 19.79/20 في شعبة الرياضيات.
لكنه ليس فقط تلميذًا متفوقًا… بل إمام أيضًا.
في محراب جامع سيدي اللخمي، كان صوته يُرتّل القرآن، وفي فصول المعهد كان قلمه يرسم المعادلات.
فكيف جمع هذا الشاب بين نور المحراب ووهج المختبر؟
كيف سار على خيوط التوازن بين الروح والعقل، دون أن تزلّ قدمه عن أيٍّ منهما؟
🕌 الصلاة… هندسة داخلية للعقل والنفس
من يرى الصلاة طقسًا ثقيلًا، لم يعرف بعدها الحقيقي.
الصلاة، كما عاشها محمد أمين، كانت أكثر من سجود وقيام؛ كانت نظامًا داخليًا صارمًا، ومفتاحًا يوميًا للسكينة.
كان يبدأ مراجعته بركعتين، وكأنما يستأذن العلم بالدعاء، ويختمه بتلاوة، وكأنما يُمهّد للغد بطمأنينة الإيمان.
في لحظة السجود، لم يكن يهرب من ضغط الامتحان… بل كان يُواجهه بجبهةٍ على الأرض وقلبٍ في السماء.
وقد قال الله تعالى:

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
(الرعد: 28)
وهل هناك ما يحتاجه الطالب أكثر من قلبٍ مطمئن وعقلٍ حاضر؟
📚 القرآن… حين يصبح العقل على موعد مع النور
القرآن ليس كتابًا للآخرة فقط، بل دستورًا للحياة.
حين يُقرأ بصدق، يُنبت في القارئ:
بلاغةً تفتح له أبواب الفهم والتعبير.
عمقًا في التفكير والتحليل.
قيمًا إنسانية تزرع في داخله الرحمة، والعدل، والاتزان.
وقد قالها محمد أمين ببساطة لافتة:
❝ القرآن منحني الطمأنينة… وهي التي منحتني القوة لمواجهة كل الصعاب. ❞
القرآن لا يُغلق بعد الصلاة… بل يُفتح في كل قرار.
🌿 التوازن… المعادلة التي لا تُدرّس
النجاح لا يُصنع بالحفظ وحده، ولا بالذكاء الفائق…
النجاح الحقيقي هو ثمرة توازن بين العقل والقلب، بين التخطيط والتوكل، بين الجدّ والتأمل.
حين تتوضأ روحك خمس مرات في اليوم، يتنظف عقلك من شوائب القلق.
حين تفتح المصحف بين مذاكرتين، يُشرق قلبك بمعاني الثقة والسكينة.
وحين تدخل قاعة الامتحان كما تدخل إلى الصلاة… لن تهتزّ.
🚫 لمن يذمّ الإسلام دون علم
من يزعم أن الإسلام لا يواكب العصر، لم يُشاهد محمد أمين وهو يرتّل في الفجر، ثم يُبدع في الهندسة.
من يرى فيه دين تعصّب، لم يعرف أنه الدين الوحيد الذي بدأ بكلمة: “اقرأ”.
الإسلام لم يكن يومًا سببًا في تأخّر الشعوب، بل الجهل به هو المأساة.
هو دين العقل والنور والبحث، ومن حمله بصدق، صنع الفرق، وارتقى دون ضجيج.
🌟 من محراب إلى محراب… دروس لا تُنسى
من بين مآذن صفاقس، ومن بين أوراق الامتحانات، يُعلّمنا محمد أمين كمون درسًا من ذهب:
❝ اقرأ لتنجح… وصلِّ لتطمئن… وكن أنت البرهان لا الخطاب. ❞
فلنُعد اكتشاف الصلاة، لا كواجب… بل كدواء.
ولنُفتح القرآن، لا كتراث… بل كنبض.
فربّ سجدة واحدة، تُطفئ قلقًا، وتُضيء طريقًا، وتُخرج من جوف الليل فجرًا جديدًا للنجاح.
✍️ بقلم: أشرف المذيوب – الطريق إلى الخلاص Achraf Medhioub – The Path to Redemption
“حين توضأ القلب… انشرح العقل، وبدأ الطريق.”