رحل الفنان نورالدين بن عيّاد في صمت رحمه الله
بعد رحيل عملاقين في المسرح والدراما التلفزية و السينيما هما الممثل فتحي الهداوي المخرج الفاضل الجزيري ، ها هو يغادرنا عملاق آخر في مجال التمثيل التلفزي هو نور الدين بن عياد و قد بلغ من العمر 73 سنة. عرف بأدواره الكبيرة في الدراما و خصوصا الكوميديا. رحلة طويلة انطلقت ضمن برنامج ” لو سمحتم ” سنة 1986، الذي كان ينشطه الإعلامي الكبير الراحل نجيب الخطاب.
و قد كان البرنامج الذي يبدأ في الثانية بعد الزوال و ينتهي في حدود الثامنة ليلا، و شخصيا أتذكر تلك اللقطة المضحكة و الطريفة و هو يدفع سيارة نجيب و معه رفيق دربه المنجي العوني ثم تفلت منهما السيارة. قاما معا بعدة أدوار فكاهية متميزة خلال التسعينات، تؤرخ لمسيرة النجم الراحل.
أدوار نور الدين رحمه الله تعالى التي تراوحت بين الفكاهة و الدراما و لعل الأولى قد طغت على الثانية قد كشفت عن ملكة فذة لصاحبها و قدرة عجيبة على التأقلم مع الأدوار. عديد المسلسلات الجيدة مثل ” غادة ” و “العاصفة ” و ” الحصاد ” و ” كان يا ماكانش ” و هو دور شرفي كان آخر أدوارة في الوطنية الأولى و ” جاري يا حمودة ” الذي يبث حاليا .
أتذكر أنه لما كنت تلميذا، كان لدي شريط كاسيت كثيرا ما أستمع إليه لأرفه عن نفسي و من ضمن ما كان يمتعني به و هو يتحدث عن ظواهر اجتماعية متفشية في بلادنا في المجتمع التونسي حيث يقول : ” في الصيف الصالة، و في الشتاء قصر العدالة .” في إشارة إلى الزواج و الطلاق.
يعيب الكثير على نجوم التمثيل اليوم، هو إصرارهم على الظهور التلفزي حتى بدون انتاج رمضاني جديد . بينما النجم نور الدين يشترك في خصلة مع الممثل القدير أيضا عبد القادر مقداد فكلاهما يرفضان الحضور حتى في الإذاعة و خصوصا إبن مدينة قفصة الذي يبدو أنه قاطع نهائيا خشبة المسرح و شاشة التلفزة رغم الدعوات المتكرة له. كلاهما مع آخرين يمثلون جيلا ذهبيا للتمثيل في تونس. و أصداء أعمالهم وصلت إلى عدة بلدان في الوطن العربي الكبير.
هذه الكلمات قد لا تكفي رجلا قضى عقودا من الزمن، في سبيل إمتاع و نشر الابتسامة و الضحك على وجوه النظارة و المستمعين.
لكن نقول بكل أسى و حسرة رحمه الله تعالى رحمة واسعة و أسكنه فراديس جنانه و أملنا أن لا تنساه المؤسسات الإعلامية الرسمية و الخاصة و زملاؤه و الإحاطة بعائلته إذا اقتضت الضرورة ذلك و ذلك عرفانا بالجميل و هذا من الواجب.
ياسين فرحاتي / كاتب تونس





