صفاقس : حركية غير عادية ككل المواسم الدينية
شهدت الأيام الأخيرة وبالتحديد يوم أمس حركية غير عادية في كل طرقات صفاقس وأسواقها بدعوى الاستعداد لشهر رمضان… وقد ثبت لدينا أنّ هناك لهفة مبالغا فيها ورغبات لا تنتهي وهناك “جري” أكثر من اللازم… وثبت لدينا أيضا مثل كل عطلة أن التلاميذ براء من حركة المرور الكثيفة التي كثيرا ما نربطها بالسنة الدراسية والحال أنها في العطل ونهاية كل أسبوع تكون أكثر ازدحاما… ومع ذلك فعلى الدولة أيضا أن تعتني بالبنية التحتية لمدينة المليون ساكن وعلى التجار ألا يستغلوا هذه المناسبات للجشع والاحتكار والرفع في الأسعار والغش في البضاعة كل ساعة…
ولكن تبقى هناك أسئلة مطروحة دائما : لماذا الاستعدادات في آخر لحظة ؟ ولماذا هذه الرغبة في شراء كل شيء دفعة واحدة ؟ ولماذا أصبحت مناسباتنا الدينية أكلا وشربا دون أن نحقق معانيها النبيلة الراقية ؟ سنشهد أكثر من هذه الحركية في كل المدن التونسية بل وحتى العربية قبل عيدي الفطر والأضحى والمولد النبوي الشريف…
ليتنا نفرح جميعا بالنسائم الروحانية لرمضان بعيدا عن تعقيدات المدنية ونرفزة الحياة العصرية والعمليات التجارية والأسواق والشوارع والاكتظاظ والضجيج والتلوث والغبار وكلها عذاب وبليّة… لا أحد ينكر التّسوّق والشراء ولكن يجب ألا تقتصر الأعياد على الأكل فقط… بل حياتنا كلها أصبحت مادية وانظروا إلى الفارق بين المقاهي والمطاعم والمغازات مقارنة بالمكتبات والفضاءات الثقافية على قلّتها…
نطمح أن تعود أيام زمان حيث الاحتفالات البسيطة والقلوب الصافية النقية المسرورة والمنشرحة والأجواء الروحانية واللمة العائلية ومع الأصدقاء والجيران دون تضخيم التكاليف. حتى التلفزة لا تتحدث إلا عن الأسواق والأسعار التي كلها نار ومسمار بينما لا تنتج برامج هادفة وممتعة في رمضان بل وعلى مدار العام كما كان ذلك في الماضي الجميل… المدفع والقرآن قبل المغرب والبالونات واللعب في الطبيعة والبرامج التلفزية الجميلة والسكينة التي تملأ القلب والهدوء والوقار والطمأنينة التي تعمّ روح الصائم النقية بل روح المؤمن طول العام والمسامرات والألغاز والخرافات والضحك من القلب وكلها أعياد للنفوس التائهة المرهقة في هذا الزمن الذي اهتممنا فيه بتغذية أجسادنا وأهملنا تغذية أرواحنا والإنسان خليط بين الاثنين بل ربما كانت روحه أهم وأبقى.
سامي النيفر



