
عودة معمل السكر بجندوبة: بين القطاع الخاص والدعم الحكومي… فرصة لإنقاذ السوق المحلي…اشرف المذيوب
في تونس، حيث أصبح السكر مادة أساسية تواجه خطر النقص، يمثل استئناف نشاط معمل السكر ببن بشير في جندوبة أكثر من مجرد عودة لإنتاج غذاء؛ إنه مؤشر واضح على قدرة الدولة والقطاع الخاص على التعاون لإنقاذ الأسواق المحلية. بعد توقف دام عامين نتيجة ضغوط مالية وتقلبات السوق، عاد المعمل ليعيد التوازن لسوق السكر، ويعيد الأمل للفلاحين والصناعات الوطنية على حد سواء.
القطاع الخاص والدعم الحكومي: شراكة استراتيجية
معمل السكر بجندوبة مملوك لشركة Ginor الخاصة، لكنه استفاد من دعم حكومي مباشر يتمثل في توفير مياه الري لما يزيد عن 3800 هكتار، صرف مستحقات مالية للشركة، وتنظيم عقود إنتاج للفلاحين. هذه الشراكة تؤكد أن القطاع الخاص وحده قد لا يملك القدرة على مواجهة تحديات الإنتاج الزراعي والصناعي، وأن تدخل الدولة أصبح ضروريًا لضمان الأمن الغذائي واستقرار الأسواق الاقتصادية.
الأثر الاقتصادي والبيئي
استئناف الإنتاج يُسهم بشكل مباشر في تقليص اعتماد تونس على الاستيراد وتقليل كلفة التوريد السنوي للسكر بنسبة تصل إلى 5% من الحجم الإجمالي، الذي يُقدّر بحوالي 400 مليون دينار سنويًا.
إضافة إلى ذلك، للفت السكري أثر بيئي إيجابي: تحسين خصوبة التربة، تعزيز الدورة الزراعية، وامتصاص الكربون من الجو. هذه العوائد الاقتصادية والبيئية تجعل المشروع ليس مجرد صناعة، بل استثمارًا مستدامًا يساهم في التنمية المحلية.
التحديات: الواقع أمام الطموح
رغم الدعم الحكومي، يواجه المعمل تحديات جدية تشمل تقادم شبكات الري، ارتفاع تكلفة الإنتاج، التغيرات المناخية، واعتماد أصناف قديمة من اللفت. معالجة هذه التحديات تتطلب استراتيجية طويلة المدى تجمع بين الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية، تدريب الفلاحين، وضمان دعم مالي مستمر يواكب طبيعة السوق المتقلبة.
في الختام :
عودة معمل السكر بجندوبة ترسل رسالة واضحة: الأمن الغذائي ممكن حين تتعاون الدولة مع القطاع الخاص. هذه الخطوة ليست مجرد استئناف للإنتاج، بل بداية لإعادة الثقة في الصناعات الوطنية الحيوية، وتأكيد على قدرة تونس على مواجهة نقص المواد الأساسية من خلال سياسات مدروسة وشراكات استراتيجية.