عيد قوات الأمن الداخلي: وحدة في التنوع، ومسؤولية وطنية دائمة…اشرف المذيوب

عيد قوات الأمن الداخلي: وحدة في التنوع، ومسؤولية وطنية دائمة…اشرف المذيوب

19 افريل، 21:15

تُحيي تونس اليوم، 18 أفريل 2025، الذكرى التاسعة والستين لعيد قوات الأمن الداخلي، تحت شعار “أمن تونس أمانة متجددة ومسؤولية دائمة”. إنها مناسبة وطنية تُجسّد رمزية عميقة في وجدان التونسيين، حيث يُستحضر فيها تاريخ طويل من التضحيات، ويُكرّم من خلالها رجال ونساء اختاروا خدمة الوطن في صمت، وصنعوا بأفعالهم سُورًا منيعًا يحمي الدولة والمجتمع.
أربعة أسلاك… جهاز واحد
يُشكّل عيد قوات الأمن الداخلي مناسبة جامعة لأربعة مكوّنات رئيسية تشكل العمود الفقري للمنظومة الأمنية التونسية:
الحرس الوطني: المنتشر في كامل تراب الجمهورية، وخاصة في المناطق الريفية والحدودية، وهو خط الدفاع الأول في مواجهة التهديدات الإرهابية والجرائم المنظمة.
الأمن الوطني : الحاضر في المدن والفضاءات العامة، والذي يضطلع بمهمة حفظ النظام، حماية الأفراد والممتلكات، والتصدي للجرائم بكل أنواعها.
الحماية المدنية: الواجهة الإنسانية للمنظومة، لا تهدأ في الكوارث الطبيعية، حوادث الطرقات، والحرائق، حيث تكون الأرواح البشرية أولوية لا مساومة فيها.
الديوانة التونسية: العين الساهرة على الاقتصاد الوطني، وخط الدفاع الحدودي ضد التهريب، الغش التجاري، وتدفق المواد الممنوعة.
كل جهاز من هذه الأجهزة له خصوصياته، لكن يجمعهم هدف واحد: حماية تونس، شعبًا وأرضًا وسيادة.
من الاستقلال إلى اليوم: مسيرة شرف وتضحيات
تعود جذور عيد قوات الأمن الداخلي إلى يوم 18 أفريل 1956، عندما تسلمت الدولة التونسية المستقلة حديثًا مفاتيح الإدارة الأمنية من السلطات الاستعمارية الفرنسية. منذ ذلك التاريخ، لم تكن المهمة سهلة، لكن رجال الأمن التونسي كانوا دائمًا في الموعد، فواجهوا التحديات، وصمدوا أمام كل المحن، وكانوا دومًا في طليعة المدافعين عن أمن الوطن واستقراره.
الأمن: مسؤولية دائمة لا تعرف التوقف
إن شعار هذه السنة “أمن تونس أمانة متجددة ومسؤولية دائمة” يلخّص جوهر العقيدة الأمنية التونسية. فالأمانة هي الثقة التي يضعها الشعب في مؤسساته الأمنية، وهي لا تتجزأ ولا تسقط بالتقادم. أما المسؤولية فهي ذلك الواجب الذي لا يعرف راحة، حيث يكون أعوان الأمن في الصفوف الأمامية، لا سيما في الأوقات الحرجة والأزمات الكبرى.
نظرة موحّدة نحو المستقبل
لقد أثبتت التجربة التونسية أن التنسيق والتكامل بين الحرس، الأمن، الحماية، والديوانة هو مفتاح النجاح في التعامل مع كل التحديات الأمنية. غير أن المستقبل يتطلب المزيد: المزيد من التكوين، من الدعم التكنولوجي، من حماية الأعوان، ومن تجديد التشريعات بما يتماشى مع المعايير الدولية واحترام حقوق الإنسان.

إن قوة الأمن الداخلي لا تقاس فقط بعدد وحداته أو عتاده، بل بثقة الشعب فيه، وبتماهيه مع القيم الجمهورية، وبقدرته على فرض القانون بصرامة وإنسانية في آنٍ واحد.

تهنئة مستحقّة لرفاق الكفاح
وبهذه المناسبة الوطنية العزيزة، أتوجّه بأسمى عبارات التهاني وأصدق مشاعر الفخر والاعتزاز إلى زملائي من مختلف الأسلاك—الحرس، الأمن، الحماية، والديوانة—الذين نالوا شرف الترقية هذا العام. إن نيل الرتبة ليس مجرد تغيير في الشارة أو التسمية، بل هو تتويج لمسار من العمل الجاد والانضباط والتفاني، وهو مسؤولية متجددة تُلقى على عاتق من أثبتوا أنهم أهل للثقة.

الترقية ليست فقط اعترافًا رسميًا بالجهد، بل هي أيضًا وعد ضمني بمواصلة المسيرة بروح أعلى من الالتزام، وبمستوى أرفع من الكفاءة. فهنيئًا لكل من حاز هذه الثقة، وهنيئًا للمؤسسة الأمنية برجالها ونسائها الذين يُصنعون المجد على أكتافهم في كل لحظة وفي كل موقع.

تحية عرفان وإجلال
في هذه الذكرى، نتوجّه بتحية تقدير وإجلال إلى كل من يعمل ليلًا ونهارًا تحت راية الأمن الداخلي، إلى من ضحوا بحياتهم، إلى الجرحى، وإلى كل من وضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار. فأنتم لستم فقط حماة القانون، بل أنتم حماة الحياة.

مواضيع ذات صلة