“كوكب الأرض يستغيث”: تقرير عالمي يرصد كوارث 2024 المناخية.
قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن عام 2024 يتجه إلى أن يكون العام الأشد حرارة على الإطلاق منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، بعد سلسلة ممتدة من الشهور، ارتفع فيها متوسط درجات الحرارة العالمية بشكل استثنائي.
وأشارت المنظمة، في تقريرها العلمي الصادر خلال فعاليات مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ “Cop 29” في أذربيجان، إلى ارتفاع مستويات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي بمعدلات قياسية في عام 2023، واستمر هذا الارتفاع في عام 2024 حسب البيانات المحدثة.
وتشمل غازات الدفيئة الرئيسية ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، والتي تتزايد مستوياتها نتيجة النشاط البشري منذ الثورة الصناعية.
“رسالة تحذير قوية”
وارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون من 278 جزءاً في المليون في عام 1750، إلى 420 جزءاً في المليون اليوم، بزيادة قدرها 51%، مع معدل نمو سنوي يصل إلى 2.4 جزء في المليون خلال العقد الماضي.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سيلينس ساولو، في مؤتمر صحافي، خلال Cop 29، إن التقرير الجديد بمثابة “رسالة تحذير قوية، واستغاثة يرسلها لنا كوكب الأرض”.
تشير البيانات المناخية العالمية إلى اتجاه مثير للقلق نحو ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2024، إذ يُحتمل أن يتجاوز هذا العام درجات الحرارة المسجّلة في السنوات السابقة، بما في ذلك عام 2023 الذي سُجِّل حتى الآن كأكثر الأعوام حرارةً على الإطلاق.
وأجرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحليلاً شاملاً لعدد من مجموعات البيانات العالمية، والتي أظهرت أن متوسط درجة الحرارة العالمية المسجَّل طيلة الفترة الممتدة من يونيو 2023، وحتى سبتمبر 2024 قد تجاوز، وبفارق كبير في كثير من الأحيان، أي متوسط درجة حرارة مسجل سابقاً.
أسباب ارتفاع درجات الحرارة
يُعزى هذا الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة العالمية إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها تزايد تراكم غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، الناتج عن الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري، وإزالة الغابات، وزيادة الانبعاثات الصناعية.
هذه الغازات تحتجز الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى رفع متوسط درجة حرارة الكوكب، ويزيد من تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، الأمر الذي يتسارع بفعل النشاط البشري المستمر.
من جهة أخرى، تعززت هذه الأزمة في عامي 2023 و2024 بفعل ظاهرة “إل نينيو” المناخية التي تزيد درجات الحرارة في المناطق المدارية والمحيطات، وتؤثر على المناخ العالمي، حيث تتسبب في طقس أكثر حرارة في العديد من مناطق العالم، وتسهم في دفع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية.
وقد ساعد هذا التفاعل بين النشاط البشري المتزايد، و”إل نينيو” على جعل الأشهر الـ 16 بين منتصف 2023 وأواخر 2024 من بين أكثر الفترات حرارة على مر التاريخ.
الظواهر الجوية المتطرفة
يترتب على هذا الارتفاع في درجات الحرارة عواقب واسعة النطاق، تشمل تغييرات في أنماط الطقس والمناخ، مما يزيد من تكرار وشدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل الجفاف، والفيضانات، والأعاصير، والحرائق البرية، بالإضافة إلى ذلك، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تأثيرات مباشرة على المحيطات، مثل زيادة حموضتها وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يهدد المجتمعات الساحلية والنظم البيئية البحرية.
كما قاس التقرير بيانات تخص المحتوى الحراري للمحيطات، أحد أهم مؤشرات التغير المناخي.
وتعكس درجات الحرارة المرتفعة للمحيطات امتصاصها المتزايد للحرارة الناجمة عن الاحتباس الحراري، وهو أمر بالغ الأهمية في تنظيم مناخ الأرض.
في عام 2023، سجَّل المحتوى الحراري للمحيطات أعلى مستوى له على الإطلاق، وهو ما يشير إلى الزيادة المستمرة في مستويات الطاقة الحرارية المخزَّنة في المحيطات، وتؤكد البيانات الأولية لعام 2024 أن هذه الزيادة مستمرة، مما يعزز التحذيرات من عواقب بيئية محتملة.
وشهد العقدان الماضيان زيادة كبيرة في معدلات ارتفاع درجة حرارة المحيطات، إذ أظهرت التحليلات أنه خلال الفترة الممتدة من عام 2005 إلى 2023، امتصت المحيطات كمية هائلة من الحرارة تعادل حوالي 3.1 ملايين تيراواط/ ساعة سنوياً.
ولإعطاء تصور حول هذا الرقم الهائل، فإن هذه الكمية من الطاقة تزيد بمعدل 18 ضعفاً عن إجمالي استهلاك الطاقة العالمي المسجل في عام 2023، مما يظهر مدى تأثير المحيطات في امتصاص جزء كبير من الحرارة الزائدة الناتجة عن النشاط البشري.
ارتفاع حرارة المحيطات
تعد المحيطات مخزناً رئيسياً للطاقة الحرارية، حيث تعمل على امتصاص ما يقارب 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن زيادة تركيزات غازات الدفيئة.
ويساعد هذا الامتصاص في تباطؤ ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض في الوقت الحالي، إلا أن لذلك عواقب بيئية خطيرة على المدى البعيد؛ فزيادة الحرارة المخزنة في المحيطات تؤدي إلى عدة تغييرات جوهرية، منها ارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة حموضة المحيطات، وتأثيرات ضارة على الحياة البحرية والنظم البيئية المائية.
وتؤدي زيادة الحرارة في المحيطات إلى ذوبان الجليد البحري، وتراجع الكتل الجليدية، مما يسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر، وتهديد المجتمعات الساحلية والجزر الصغيرة، كما أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات يؤثر سلباً على الشعب المرجانية التي تعتمد على درجات حرارة معينة لتزدهر، وهو ما يؤدي إلى ظاهرة تبييض المرجان، وموت الشعاب المرجانية، مما يهدد التنوع البيولوجي البحري.
ومن جهة أخرى، تساهم زيادة حرارة المحيطات في تغير أنماط التيارات البحرية، مما يؤدي إلى تغييرات في توزيع الأحياء البحرية مثل الأسماك، ويتأثر بذلك مصدر غذائي حيوي لملايين البشر، وتؤدي الحرارة الزائدة أيضاً إلى زيادة حموضة المحيطات نتيجة لامتصاصها ثاني أكسيد الكربون، مما يؤثر سلباً على الكائنات البحرية كالمحار والرخويات.
ويؤكد هذا الارتفاع المستمر في محتوى المحيطات الحراري، الحاجة إلى اتخاذ إجراءات جادة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وفيما تعد المحيطات مخزناً ضخماً للحرارة، إلا أن قدرتها على تخزين هذه الطاقة الحرارية محدودة؛ فإذا استمرت وتيرة الاحتباس الحراري الحالية، فإن القدرة التنظيمية للمحيطات قد تتراجع، مما يؤدي إلى ارتفاعات سريعة في درجات الحرارة على سطح الأرض، وتفاقم التغيرات المناخية.
مستويات سطح البحر
وشهد مستوى سطح البحر ارتفاعاً سريعاً في العقود الأخيرة بسبب التغيرات المناخية، والتي تتسبب في تمدد مياه المحيطات الأكثر دفئاً، وذوبان الأنهار الجليدية، والصفائح الجليدية في المناطق القطبية، وقد كان لظاهرة الاحتباس الحراري دور أساسي في هذه التغيرات؛ فكلما زادت درجة حرارة الكوكب، زاد تمدد المياه وذوبان الكتل الجليدية، مما يرفع منسوب مياه المحيطات.
وخلال الفترة من عام 2014 إلى عام 2023، ارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر بمعدل 4.77 ملم في السنة.
هذا المعدل هو أكثر من ضعف ما كان عليه بين عامي 1993 و2002، ما يدل على تسارع كبير في الارتفاع. وقد لعبت ظاهرة “إل نينيو” المناخية دوراً كبيراً في زيادة سرعة هذا الارتفاع في عام 2023، وتعمل هذه الظاهرة على زيادة درجات حرارة المحيطات في العديد من المناطق الاستوائية، وتؤدي إلى تغيرات مناخية واسعة النطاق، مما يفاقم من ذوبان الجليد وارتفاع مستوى البحر.
ظاهرة إل نينيو
تعتبر “إل نينيو” ظاهرة طبيعية ترتبط بارتفاع درجات حرارة المحيطات في المنطقة المدارية من المحيط الهادئ، مما يؤثر على أنماط الطقس العالمية، ويزيد من درجات الحرارة في مختلف المناطق، ويؤدي هذا التأثير إلى تسريع ذوبان الأنهار الجليدية والجليد البحري، مما يرفع مستوى سطح البحر بصورة ملحوظة خلال فترات نشاط إل نينيو، كما حدث في عام 2023.
وتشير البيانات الأولية المتاحة لعام 2024 إلى أن معدل ارتفاع مستوى سطح البحر تراجع نسبياً، وعاد إلى المستويات التي تتماشى مع الاتجاه التصاعدي المسجَّل بين عامي 2014 و2022. ويعود ذلك إلى انحسار ظاهرة إل نينيو، مما قلل من التأثيرات المؤقتة المرتبطة بهذه الظاهرة، وعاد الارتفاع إلى وتيرته الطبيعية التي يعتمد عليها التحليل طويل الأجل للتغير المناخي.
ذوبان الأنهار الجليدية
وازداد فقدان الأنهار الجليدية حدة في السنوات الأخيرة؛ ففي عام 2023، سجَّلت الأنهار الجليدية خسارة غير مسبوقة في كتلتها بلغت نحو 1.2 متر من المكافئ المائي للثلج، أي ما يعادل حوالي خمسة أضعاف كمية المياه الموجودة في البحر الميت، وهذه الخسارة الهائلة هي الأكبر منذ بدء قياس الكتلة الجليدية في عام 1953، وقد تأثرت بشكل رئيسي بالذوبان الشديد للأنهار الجليدية في مناطق أميركا الشمالية وأوروبا.
وشهدت الأنهار الجليدية في أميركا الشمالية وأوروبا معدلات ذوبان قياسية بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
في أوروبا، تأثرت الأنهار الجليدية بشكل خاص نتيجة موجات الحر المتكررة التي ضربت القارة في السنوات الأخيرة، مما ساهم في تسارع ذوبان الجليد.
وشهدت سويسرا، على وجه الخصوص، خسارة كبيرة في الكتلة الجليدية، حيث فقدت الأنهار الجليدية في هذا البلد حوالي 10% من حجمها المتبقي خلال العامين 2021-2022 و2022-2023. وهذا الفقدان السريع يمثل تهديداً خطيراً للتوازن البيئي، ويؤثر، بشكل مباشر، على إمدادات المياه في هذه المناطق.
تمثل الأنهار الجليدية مخزناً مهماً للمياه العذبة، وتمدّ العديد من الأنهار الكبيرة بالمياه خلال فترات الجفاف، وبفقدان كميات هائلة من هذه الكتل الجليدية، تواجه المناطق المعتمدة على الجليد الموسمي تهديداً بنقص إمدادات المياه، مما يؤثر على الزراعة، وإنتاج الطاقة الهيدروليكية، والحياة البرية.
كما يؤدي فقدان الأنهار الجليدية إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وهو ما يعرض المناطق الساحلية لخطر الغمر والتآكل.
ويتوقع تسجيل الفترة من 2015 إلى 2024 باعتبارها الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، ومع تزايد فقدان الأنهار الجليدية كتلتها وارتفاع مستوى سطح البحر وحرارة المحيطات، يقول التقرير إن الظواهر الجوية المتطرفة تعصف بالمجتمعات، وتلحق أضراراً بالاقتصادات حول العالم.
ووفقاً لتحليل يستند إلى بيانات ست مجموعات دولية، شهدت الفترة من يناير إلى سبتمبر 2024 ارتفاعاً في متوسط درجة حرارة الهواء السطحي العالمي بمقدار 1.54 درجة مئوية فوق متوسط حقبة ما قبل الثورة الصناعية، معزَّزةً بظاهرة إل نينيو التي تزيد من الاحترار.
مؤشرات التغير المناخي
تعد مساحة الجليد البحري في المناطق القطبية من أهم المؤشرات على التغير المناخي العالمي وآثاره على البيئة الطبيعية.
في المنطقة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، وصلت مساحة الجليد البحري إلى ثاني أدنى مستوى لها منذ بدء عمليات الرصد بالأقمار الصناعية في عام 1979 وحتى عام 2024، وذلك بعد عام 2023 الذي شهد تراجعاً غير مسبوق.
ويلاحَظ أن مساحة الجليد البحري تصل إلى الحد الأدنى السنوي عادةً في شهر فبراير، بينما تبلغ الحد الأقصى في سبتمبر، إذ تتأثر بشكل مباشر بالتغيرات الموسمية، وتقلبات درجات الحرارة.
وشهدت المنطقة القطبية الشمالية أيضاً تغيرات ملحوظة، إذ بلغت مساحة الجليد البحري، بعد ذوبان الجليد في فصل الصيف، سابع أدنى مستوى مسجَّل منذ بدء الرصد، مما يعكس استمرار الاتجاه العام نحو انخفاض مساحات الجليد في هذه المنطقة.
وبالرغم من أن مساحة الجليد البحري وصلت إلى الحد الأقصى في الشتاء، إلا أنها كانت أقل بقليل من المتوسط طويل الأجل المُسجَّل خلال الفترة 1991-2020.
ويقول التقرير إن هذه البيانات تُعد مؤشراً واضحاً على تغير المناخ المتسارع الذي يؤثر على المناطق القطبية، إذ إن انخفاض مساحة الجليد البحري في القطبين الشمالي والجنوبي يُنذر بعواقب بيئية قد تكون واسعة النطاق، بدءاً من التأثير على الأنظمة البيئية في هذه المناطق، وانتهاءً بارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة ذوبان الجليد المستمر.
وأشارت ساولو إلى أنه “رغم تجاوز المستويات الشهرية والسنوية للاحترار عتبة 1.5 درجة مئوية مؤقتاً، فإن ذلك لا يعني أننا أخفقنا في تحقيق هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من الزيادة في المتوسط العالمي لدرجة الحرارة على المدى الطويل إلى ما دون درجتين مئويتين عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، أو حتى الوصول إلى مستوى 1.5 درجة”.
وأوضحت أن “الاضطرابات في درجات الحرارة العالمية على النطاقات الزمنية اليومية والشهرية والسنوية تتأثر بشدة بعوامل طبيعية، ولا يمكن مساواة هذه التغيرات بالأهداف طويلة الأجل المتعلقة بدرجات الحرارة في اتفاق باريس”.
وأضافت: “يجب أن ندرك أن كل درجة من درجات الحرارة لها تأثيرها، وزيادة الاحترار العالمي – حتى لو بشكل طفيف – تعني تصاعد الظواهر المناخية المتطرفة، وما يترتب عليها من مخاطر”.
ويقول التقرير إن الأمطار الغزيرة والفيضانات القياسية، والأعاصير المدارية المتزايدة الشدة، والحرارة القاتلة، والجفاف وحرائق الغابات التي شهدها العالم هذا العام، باتت واقعنا الجديد، ونذيراً لما يحمله المستقبل.
كما أكد على الحاجة إلى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، وتعزيز رصد المناخ، وتقديم دعم أكبر للتكيف مع تغير المناخ من خلال خدمات المعلومات المناخية، ومبادرة الإنذار المبكر للجميع.
ومن المتوقع أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية لعام 2024 ما سُجَِل سابقاً، بما في ذلك عام 2023 الذي يُعد الأشد حرارة حتى الآن.
ويشير تحليل المنظمة إلى احتمال تجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية خلال 16 شهراً متتالياً (من يونيو 2023 إلى سبتمبر 2024) أي معدل سُجَِل سابقاً.
الجفاف والفيضان
أثرت ظواهر الطقس والمناخ المتطرفة، بشكل كبير، على التنمية المستدامة في مختلف أنحاء العالم، إذ أظهرت تأثيرات واسعة على المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وقد تسببت هذه الظواهر في تقويض جهود التنمية، مما أدى إلى تزايد مشكلة انعدام الأمن الغذائي، وتفاقم النزوح والهجرة في عدة مناطق، حيث سعت المجتمعات المتضررة إلى الهروب من آثار التغير المناخي، والبحث عن بيئة أكثر استقراراً.
ساهمت ظواهر الطقس القاسية، مثل الجفاف والفيضانات، في تدمير المحاصيل الزراعية وإتلاف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، مما أدى إلى نقص حاد في الغذاء، وخاصة في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة.
ويعتبر انعدام الأمن الغذائي نتيجة مباشرة للتغيرات المناخية المتطرفة، إذ تقل الإنتاجية الزراعية، وتتضرر سلاسل الإمداد الغذائي. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الغذاء، وزيادة معاناة السكان في العديد من المناطق، خاصةً في الدول النامية التي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للغذاء والدخل.
كما أدت الأحوال الجوية القاسية إلى نزوح أعداد كبيرة من الناس، إذ اضطرت العديد من الأسر إلى ترك منازلها بسبب الفيضانات المدمرة، وارتفاع منسوب المياه، أو الجفاف المستمر الذي قضى على مصادر عيشهم.
النزوح المناخي
ويعتبر النزوح المناخي أحد أكبر التحديات التي تواجه الدول المتضررة، إذ تضطر المجتمعات المتأثرة إلى البحث عن مناطق جديدة للاستقرار والعمل، ما يخلق ضغوطاً إضافية على المجتمعات المضيفة، والبنية التحتية في تلك المناطق.
وتعرض ملايين الأشخاص حول العالم لموجات حرارة خطيرة أثرت على صحتهم وسلامتهم، خاصة في المناطق الحضرية والمناطق ذات البنية التحتية المحدودة.
وتسببت الحرارة الشديدة في زيادة حالات الإجهاد الحراري والجفاف، وارتفعت أعداد الوفيات المرتبطة بالحرارة، خصوصاً بين الفئات الضعيفة مثل كبار السن والأطفال، كما أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة الحاجة لتبريد المنازل، مما شكَّل ضغطاً كبيراً على إمدادات الطاقة، ورفع من تكاليف المعيشة في العديد من الدول.
كما أدت الأمطار الغزيرة والفيضانات والأعاصير المدارية إلى خسائر فادحة في الأرواح، بالإضافة إلى تدمير المنازل والبنية التحتية، مما أثر على الاقتصادات المحلية بشكل كبير، فقد دمَّرت الأمطار الكثيفة، والفيضانات الطرق والجسور والمرافق الحيوية، وعطلت الأنشطة الاقتصادية مثل الزراعة والصيد والصناعة، وشكَّلت هذه الكوارث ضغطاً هائلاً على الحكومات لتوفير الإغاثة وإعادة الإعمار، مما يتطلب موارد مالية ضخمة.
وتقول المنظمة إن التحديات الناتجة عن الطقس المتطرف تتطلب استجابة عالمية عاجلة للحد من آثار التغير المناخي، بما يشمل تعزيز الاستثمارات في الزراعة المستدامة، وتحسين أنظمة الإنذار المبكر، وتطوير البنية التحتية المقاومة للكوارث.
كما يجب تعزيز التعاون الدولي لتقديم الدعم للمجتمعات المتضررة وتقليل انبعاثات الكربون للحد من وتيرة وشدة هذه الظواهر المناخية المتطرفة.