
للحقيقة والتاريخ بين سوريا “ديكتاتورية” بشار وسوريا “ثورية” الجولاني !…مصطفى عطية
لم يكن الرئيس السابق للجمهورية العربية السورية، بشار الأسد، “ديمقراطيا” أو فكر يوما في ان يكون كذلك، ولم يكن حليما مع خصومه السياسيين، حتى وإن قلد بعضهم مناصب وزارية في حكوماته المتعاقبة وخذلوه، لكن، عندما زرت سوريا في عهده، وتحديدا قبل ظهور الدواعش، وجدت بلدا مستقرا، وشعبا منضبطا، تعيش كافة طوائفه في كنف الإحترام المتبادل، مساجد السنة ومساجد الشيعة ومساجد العلويين ومساجد الأكراد ومساجد الدروز تؤذن على إيقاع واحد، والكنائس تدق أجراسها في هدوء وٱطمئنان.
عندما سألت موظفة الإستقبال في النزل، وهي درزية، عن منطقتها الأصلية، قالت بكل شموخ : “أنا من الجولان المحتل”، ونطقت كلمة “المحتل” بقوة وإصرار، ولما طلبت من أحد الحراس ان يدلني على مكان بيع الهدايا، قال لي مشيرا بيده : “هناك، في النهج المقابل، عند إخواننا النصارى”، مصبغا كلمة “إخواننا” بكثير من العواطف الجياشة، وحين إستدعاني صديقي، الفنان التشكيلي جورج، للعشاء في منزله، جلبت إنتباهي لوحة لمريم العذراء تزين قاعة الجلوس وبجانبها لوحة أخرى بالخط العربي كتب عليها “لا إله إلا الله محمدا رسول الله”!
على أبواب مسجد الأمويين كانت الجموع تنزع أحذيتها لدخول قاعة الصلاة، في حين لم يكتف عدد منهم بنزع أحذيتهم بل نزعوا ما تحت جلابيبهم الطويلة أيضا، ولما سألت صديقي الصحفي سنان، وهو تركماني،عن سر ما يفعلون، قال مبتسما : “إنهم إخواننا الأباضيين وتلك عادتهم قبل الصلاة، فهم يتجردون من كل ما يعتقدون انه دنس”.
لست ممن يبرر أي نوع من الديكتاتورية، وخاصة ديكتاتورية بشار الأسد، ولكني لا أعتقد انه توجد “ديمقراطية” في العالم قادرة على تجسيم الوئام الذي كان يسود المجتمع السوري بكل طوائفه زمن “ديكتاتورية” بشار.
أعرف إن شهادتي هذه ستغضب غلاة الدينقراطيين والحقوقيين في تونس، وخاصة الذين هللوا لصعود الإرهابي الجولاني ودواعشه إلى سدة الحكم، بٱسم “الحرية” و”الديمقراطية” المزعومتين، ولكن عزائي ان الأحداث في سوريا اليوم قد أنصفت موقفي.