للحقيقة والتاريخ : .. حقائق لا بد من الوقوف عندها مصطفى عطيّة
يجب الإعتراف بأن حدث السابع من نوفمبر 1987، الذي تمر اليوم ذكراه الثامنة والثلاثون، كان حدثا مفصليا في تاريخ تونس المعاصر، وأخذ، في حينه، بعدا أخلاقيا ساميا، إذ أنقذ البلاد من تداعيات شيخوخة الزعيم الحبيب بورقيبة، محرر البلاد ومؤسس الدولة الوطنية الحديثه، ومن عبث المحيطين به. أقول هذا الكلام وأنا البورقيبي الذي لم يحد يوما عن البورقيبية وقيمها.
كما يجب الإعتراف أيضا بان الرئيس زين العابدين بن علي أحبط مؤامرة إنقلابية، كانت حركة النهضة وجهازها السري يخططان لتنفيذها يوم الثامن من نوفمبر، إضافة إلى ان بدايته كرئيس للجمهورية التونسية كانت محملة بالبشائر والإنجازات الإقتصادية والإجتماعية بالخصوص، لكن مع مرور السنوات وتطور نسب التنمية، بدأ أخطبوط رباعي الأصابع يتشكل تدريجيا من عائلته وعائلات أصهاره بدءا بشيبوب ثم الطرابلسي وصولا إلى الماطري، تسنده ماكينة تجمعية مخترقة، وأخرى سياسية وٱقتصادية وإعلامية موالية حتى تمكن الأخطبوط من الإلتفاف على أغلب مقدرات البلاد وعلى قرار وإرادة الرئيس أيضا.
عيب الرئيس زين العابدين بن علي، الذي لا يشك أحد في وطنيته وإنجازاته الإقتصادية والإجتماعية الكبرى وحرصه الشديد على حماية البلاد و صيانة سيادتها، هو عدم تصديه لهذا الأخطبوط الرهيب، حتى لا نقول دعمه له، بالإضافة إلى تساهله مع الإختراقات الجسيمة للتجمع الدستوري الديمقراطي من قبل التيارات الإسلاموية والإنتهازية، رغم تحذيرات الكثير من الرموز الدستورية من خطورة ما يحدث في الحزب الحاكم، مما يسر إختراقات أخرى أكثر شراسة شملت الحزام الإستشاري المحيط به.
هذا الإنخرام، واسع النطاق، تسبب في بروز أزمة إجتماعية “صامتة”، تحولت مع مرور السنوات إلى “بركان نائم”، رصدته بعض القوى الأجنبية المعادية، ثم أشعلت فتيله، بدعم من تيارات داخلية مناوئة ومتوثبة، ليحدث ما حدث وتدخل البلاد في نفق عشرية الإرهاب والفساد تحت حكم المنظومة الإسلاموية الرجعية، المتحالفة مع التيار الشعبوي الإنتهازي و”المخزن” الإنتفاعي، الذي دأب على الأكل من كل المآدب.






