للحقيقة والتاريخ “هنتاتيون” في كل العصور!…مصطفى عطية
لم يكن المدعو محمد الهنتاتي هو الاول الذي يتقمص، دون إذن من أحد، دور “المكلف” بالدفاع عن السلطة ورموزها، فقد شهدت الساحة، منذ الإستقلال، ظهور العديد من أمثاله:
في بداية الثمانيات ظهر شخص إنتهازي (أصبح اليوم معارضا “إخوانيا” بالمهجر) يكتب مقالات تافهة للتقرب من السلطة، وكلما ذكر إسم بورقيبة إلا وأردفه بدعاء “أبقاه الله” ! إنزعج بورقيبة من هذا الدعاء المزيف وتشاءم لأنه يذكره بالموت فسأل الوزير الاول محمد مزالي عن الشخص ومن كلفه بهذا التزلف الرخيص، فأفاده بأنه “صحفي” وناشط في الحزب الإشتراكي الدستوري، ويدعي انه تلقى أمر إستعمال هذا الدعاء من سيادتك، عبر أحد المقربين المحيطين بك. إستشاط بورقيبة غضبا وأمر محمد مزالي بالتنبيه عليه وإيقافه عند حده وإلا سيتخذ ضده الإجراءات الردعية اللازمة.
بعد إقالة محمد مزالي كان هذا الشخص أول من هرب من البلاد.
وفي اواخر خريف سنة 1987، وقد استقر الراحل زين العابدين بن علي على كرسي الحكم، إنبرى أحد الصعاليك، ممن تقطعت سراويلهم على المقاعد العمومية بشارع الحبيب بورقيبة، وعلى كراسي مقاهيه وحاناته، يتكلم بٱسم الرئيس الجديد، مؤكدا علاقته المتينة به ومفسرا فلسفة “التغيير” لديه، في حين أن هذه “العلاقة”، التي إدعاها، لم تتجاوز حدود إطلاع مدير الأمن، الذي اصبح رئيسا للدولة، على تقارير المخبر الليلي، الذي كان يخفي صنيعه وراء الإيهام ب”النضالية”. وفي يوم من الأيام كان المخبر “المناضل”، الذي تحول إلى “مفسر لسياسات الرئيس”، قد تبوأ مكانه من إحدى حانات شارع الحبيب بورقيبة، يحيط به ملأ من المغفلين والصعاليك والمخمورين، عندما داهمه جمع من رجال الشرطة، بأزياء مدنية، واقتادوه إلى مكان مجهول، ومن يومها صمت صمت اهل الكهف.





