لماذا أصوت نعم للاستفتاء حول الدستور التونسي الجديد..بقلم د. محمد الناصر بن عرب

لماذا أصوت نعم للاستفتاء حول الدستور التونسي الجديد..بقلم د. محمد الناصر بن عرب

12 جويلية، 18:30

بعد ثورة 14 يناير / جانفي 2011 وقع تحوير دستور سنة 1959 وبعث منظومة ديمقراطية شعارها الحرية والكرامة للشعب التونسي. وتتكون هذه المنظومة من ثلاث سلطات السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية موزعة على مجلس النواب ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية. لكن يبقى أن مجلس النواب هو الذي يتصدر السلطة والحكم نظرا لنفوذ الأحزاب وبالخصوص حزب النهضة على أخذ القرار في الدولة. وفي الحقيقة بقدر ما يبدو هذا النظام ديمقراطي اتضح أن السلطة التشريعية هي التي بيدها أخذ القرار على حساب رئيس الجمهورية. وانطلاقا من 2011 رأينا كيف وقعت سيطرة الأحزاب في مجلس النواب وتصاعد العنف اللفظي والجسدي وتهافت الأعضاء على الغنائم وهم لا يخشون المحاكمة والعقاب لأن شأنهم عظيم. وعشنا إخفاقات الحكومات المتعاقبة وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي. وفي الحقيقة أشهد أن صبر الشعب التونسي كان صبر أيوب لأننا ترقبنا عشر سنوات لتحقيق أماني الشعب، وطموحاته للخروج من التخلف ومحو البطالة وانخفاض أسعار المعيشة وتطبيق القانون على كل المواطنين ومعاقبة أهل الفساد والرشوة والاحتكار. لكن لم يحصل كل هذا لأنه اتضح أن الذين انتخبناهم للنهوض بتونس لما هو أفضل لم يكونوا في المستوى المطلوب بل فعلوا عكس ما كنا نتمناه وتدهورت أوضاعنا أكثر. وتعبنا من الانتظار ولم يبق لنا إلا رئيس الجمهورية الذي يعتبره أكثرية الشعب التونسي جدير بالثقة يُعْتَمَدُ عليه في الأقوال والأفعال ويُؤْتَمَنُ به.

فخرج الشعب غفيرا غاضبا ساخطا يوم 25 تموز/ جويلية 2021 ينادي ويطالب بتنحي الحكومة وحل مجلس النواب ومراجعة الدستور لإقامة نظام سياسي جديد يسمح للبلاد إرساءً فعليا للرقابة الشعبية المحلية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

كما طالب بوقف الكارثة التي تتعرض لها بلادنا منذ عشر سنوات.

-كارثة جائحة الكرونا التي لم يتمكن المسؤولون في الحكومة من إدارتها من أجل الحالة الكارثية للمستشفيات التي تفتقر إلى المعدات والكفاءات الطبية وشبه الطبية المؤهلة لمكافحة الوباء علاوة على عدم توفير العدد اللازم من اللقاحات في أسرع وقت ممكن.

 -كارثة سيطرة النهضة على كل الأحزاب في مجلس النواب في أخذ القرارات

-كارثة تعدد العصابات في مجلس النواب التي تعمل لحسابها الخاص عندما كان من المفترض أن تدافع عن حقوق الشعب

-كارثة طلب القروض من المنظمات الدولية وتزايد مديونية الدولة التونسية.

-كارثة الإرهاب وتدهور الوضع الأمني في البلاد

-كارثة المستوى المدرسي وانعكاساتها على الأخلاق والهوية

استوعب رئيس الجمهورية نفاذ صبر ومطالب الشعب فاستخدم حقه في ممارسة وتطبيق الأمن القومي. وقرر تجميد جميع سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة على كل أعضاء المجلس وأعفى رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه وأعلن الرئيس أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد.

وتلبية لإرادة الشعب اقترح رئيس الجمهورية تحرير دستور جديد لبعث نظام سياسي جديد لخروج البلاد من الأزمة التي وقع فيها منذ عشر سنوات.

دستور جديد يسمح للبلاد إرساءً فعليا للرقابة الشعبية المحلية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وتم تحرير الدستور الجديد الذي ينص على النظام الرئاسي، يُعَيِّنُ فيه رئيس  الجمهورية رئيس الحكومة وهو الذي يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة رئيس الحكومة وبقية الأعضاء ويُنْهِي مهامَّها أو مهام عضو منها تلقائيا أو باقتراح من رئيس الحكومة ويُقَلِّصُ مشروع الدستور الجديد المطروح للاستفتاء دور مجلس النواب بحيث لا يشمل مراقبة عمل الرئيس أو الحكومة.

فهذا ما وقع تلبية لمطالب الشعب التونسي لمقاومة الأزمة التي نمر بها.  ولتغيير الدستور أصدر الرئيس مرسوما لدعوة المواطنين الناخبين إلى التصويت “بنعم” أو “لا” في استفتاء على دستور جديد للبلاد يوم 25 تموز/ جويلية 2022.

أود أن أقول إنني أُصَوِّتُ “بنعم” في هذا الاستفتاء لأنني أتوسم الخير في هذا

الدستور الجديد وأنا أعلم علم اليقين أن الأوضاع في بلادي لا تتغير بالسرعة التي نتخيلها. سوف نحتاج إلى الصبر لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح للتقدم والتنمية المستدامة.

نريد ضمان الحقوق والحريات والتوازن بين السلطات لمنع الاستبداد.

يجب أن نعطي الثقة الكاملة لرئيس الجمهورية وننتظر النتائج المتوقعة ونرى متى سيتحقق التغيير. لكن هذه المرة فلن ننتظر عقودا لمحاسبة القادة الجدد.         

مواضيع ذات صلة