مات في شئ اسمه عدالة دولية…ألفة يوسف
سنة 1991 دك ملجأ العامرية، واحترق فيه النساء والأطفال، واكتفى المجرم.ون بجملة قصيرة تقول إنهم أخطؤوا اذ بلغهم نبأ وجود صدام وأحد نجليه هناك…400 شخصا احترقوا والعالم يتفرج…سنة 2003، كنت أشاهد كجل التونسيين قناة الجزيرة، وكنت أستمع إلى الصحاف يهدد باستخدام صواريخ للدفاع عن بغداد والهجوم على الع.دو…صدقته، وظللت أنتظر وأنتظر كطفل يتشوف إلى يوم العيد…وأفقت على كابوس سقوط بغداد، وتلاه كابوس الإقرار الوقح بأنه لم تكن توجد أسلحة دمار شاملة…زمنها مات فيّ شيء اسمه الإيمان بعدالة دولية ومجلس أمن وأمم متحدة…ومات في الشغف بالشعارات الزائفة…ولم يبعث حيا…حينها كان حكام العرب يجتمعون ويجعجعون وينددون ويصرخون، وكنا نسخر من اكتفائهم بالصراخ والخطابات الجوفاء…أما اليوم فقد بلغنا درجة أخرى، درجة الصمت التام والسكوت المخزي…وعلمتني الدنيا أن لا أغضب مما لا يمكنني تغييره، فالغضب انفعال قاتل، وعلمتني أن أبحث عن سبل الفعل في هدوء…علمتني الدنيا أن أهتم بالشيء الوحيد الذي أستطيع أن أغيره، وهو نفسي التي تحمل شر العالم وخيره…وعلمتني الدنيا أن لا شيء يدوم وأن تاريخ البشر كله صراعات ودماء وعنف وظلم واعتداء وأن لكل فعل ردة فعل وإن بعد قرون وقرون…ما عدت أومن بالشعارات، وما عدت أنتظر بطولات وهمية، بقي فقط الوجع من أجل الضحايا، وهو وجع نبيل يشير إلى بوصلة الإنساني فينا…وبقي يقين عميق وهو أن كل ج.لاد سيكتوي يوما بما كوى به غيره…بقي لي الدعاء…وجهاد النفس…والإيمان بالعدالة الإلهية…وآه، كم تعلمنا الحياة…