منذ الثورة: الفلاحة خارج حسابات الدولة… أسامة بن رقيقة
عوّل الفلاح التونسي كثيرًا على الثورة حتى يستعيد مجده القديم، لكن معاناته زادت كثيرًا واتسعت رقعتها وصارت أشد قسوة. الفلاح التونسي يرى أن الحكومات المتعاقبة خلال العشرية الأخيرة انشغلت بالمناصب والصراعات السياسية على حساب الاهتمام بالشأن الفلاحي، والحال أن الفلاحة هي المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني ونمو جميع المجالات الحيوية باعتبارها دعامة للتنمية الشاملة. هذه اللامبالاة المتواصلة من الحكومات المتعاقبة أجبرت عديد الفلاحة على هجر القطاع الفلاحي والهجرة من الريف إلى المدينة، بحثا عن تحصيل قوت يومهم، فالفلاحة لم تعد كما كانت، فتكاليفها أصبحت باهضة الثمن، الأسمدة بالكاد توجد، وان وجدت فسعرها مرتفع، الأعلاف هي الأخرى شهدت ارتفاعا كبيرا، فمنذ اول العام الحالي ارتفع سعرها كثيرا وأصبحت عملة نادرة تتاجر بها رؤوس الأموال المتنفذة. هذا علاوة على هجوم المحاصيل المستوردة على منتجاتنا المحلية وما تكلفه من أموال على خزينة الدولة والمجموعة الوطنية، في الوقت الذي يفترض أن توقف الحكومة عمليات الاستيراد وتوجيه العملة الصعبة المستخدمة للاستيراد في دعم الفلاح باحتياجاته الضرورية.
الجفاف وانحباس الأمطار أيضا من العوامل التي صعبت مأمورية الفلاح التونسي، وتواصل غياب الدولة في مساعدة الفلاح على حفر الآبار الارتوازية والابتعاد عن البيروقراطية المقيتة التي يجدها صاحب الأرض عند تقديمه طلب حفر بئر، سيجد تعقيدات كبيرة من قبل إدارة الفلاحة وهو مايجعل البعض يلتجأ إلى الطرق الغير قانونية وحفر الآبار بطريقة عشوائية وما يخلفه من مشاكل على المائدة المائية. ولا غرابة في تواصل معاناة الفلاح التونسي “مادامت السلطة تستقر في أيدي العاجزين” كما عبر عن ذلك برنار شو.



