نائبة ممثل الأمين العام في ليبيا تدعو إلى إنهاء الإجراءات الأحادية ودعم الحل السياسي الشامل
جددت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) التأكيد على أن الوضع الراهن في ليبيا- المتواصل لفترة طويلة للغاية- غير قابل للاستمرار، مشيرة إلى أن أزمة البنك المركزي كشفت عن الطبيعة الهشة للاستقرار الذي يُنظر إليه في بعض الأحيان على أنه نتيجة للجمود السياسي.
وأكدت أن الشعب الليبي يستحق الأفضل، مشيرة إلى أن الوقت حان لإزالة التصور بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعملان فقط على إدارة الأزمة في ليبيا وليس معالجتها.
وقالت ستيفاني خوري إنها تنوي البناء على الإنجازات الإيجابية الأخيرة وتعزيز عملية سياسية شاملة في الأسابيع المقبلة تهدف إلى كسر الجمود السياسي ومعالجة محركات الصراع طويلة الأمد والمضي قدما نحو إجراء الانتخابات الوطنية.
الإجراءات الأحادية تفاقم الوضع
ونبهت ستيفاني خوري إلى أن ليبيا لا تزال تواجه عدم الاستقرار بسبب الإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها الأطراف السياسية المختلفة، مشيرة إلى أن استمرار هذه الإجراءات يهدد بتقويض سيادة البلاد، وتعميق الأزمة، وإعاقة التقدم نحو حل سياسي شامل يعالج قضايا مثل الانقسام الحالي لمؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية من خلال الانتخابات.
وأوضحت أن الليبيين أعربوا عن رغبتهم في حكومة موحدة وشرعية ديمقراطية من خلال الانتخابات، فضلا عن معالجة القضايا الأطول أمدا مثل هيكل الدولة والتوزيع العادل للثروة.
وقالت إن تدابير بناء الثقة، مثل وقف الإجراءات أحادية الجانب، ضرورية لدفع عملية سياسية مثمرة، مشيرة إلى أن حل أزمة البنك المركزي يمنح الأمل في تحقيق تقدم سياسي شامل، حيث تعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على تسهيل هذه العملية، جنبا إلى جنب مع الدعم الدولي الحاسم، نحو تحقيق انتخابات عامة في ليبيا.
أزمة البنك المركزي
رغم ذلك، كان هناك بعض التقدم، وفقا للسيدة خوري، ففي 18 أغسطس/آب، أجرى المجلس الرئاسي تعيينات “مثيرة للجدل” في البنك المركزي، رفضها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة. وقد أدى هذا إلى تصاعد التوترات، بما في ذلك تعليق إنتاج النفط في 6 أغسطس/آب.
وقالت المسؤولة الأممية إن بعثة أونسميل يسرت مناقشات متعددة بين القادة الليبيين، مما أدى إلى اتفاق في 26 سبتمبر/أيلول بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن القيادة الجديدة للبنك المركزي. وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول، تولى المحافظ الجديد ونائب المحافظ منصبه، ورفعت المؤسسة الوطنية للنفط “حالة القوة القاهرة”، مما سمح باستئناف عمليات وصادرات النفط.
وقالت إن الأحداث الأخيرة تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى ضمان استقلال مؤسسات الدولة الليبية ومنع استغلالها سياسيا.
الانتخابات المحلية: تطور إيجابي
وفي تطور إيجابي، أفادت المسؤولة الأممية باستمرار الاستعدادات للانتخابات المحلية في 60 بلدية. ومن المتوقع إجراء الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر. وقد تم اعتماد أكثر من ألف مراقب من 86 منظمة تشمل أكثر من 260 امرأة.
وقالت إنها تتطلع إلى انتخابات محلية ناجحة، التي قالت إنها تمثل “فرصة مهمة للشعب الليبي لممارسة حقه في اختيار ممثليه”.
انتهاكات حقوق الإنسان
تظل انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا مثيرة للقلق، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 23 حالة اعتقال تعسفي واحتجاز واختفاء قسري في شرق وغرب ليبيا خلال الأشهر الأخيرة، “وكثير منها بدوافع سياسية”.
ودعت بعثة أونسميل إلى إنهاء الاعتقالات التعسفية وإجراء تحقيقات مستقلة لمكافحة الإفلات من العقاب. كما أن العنف عبر الإنترنت الذي يستهدف المنظمات النسائية يشكل قضية متنامية. وحثت السلطات على ضمان مشاركة المرأة في الحياة العامة.
وقالت ستيفاني خوري إن التقرير المشترك بين بعثة أونسميل ومفوضية حقوق الإنسان بشأن ميليشيات الكانيات في ترهونة يسلط الضوء على الانتهاكات الجسيمة، ويحث على المساءلة والتعويضات كجزء من المصالحة الوطنية. وتمثل مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري بحق ستة رجال ليبيين تقدما في جهود المساءلة.
اللاجئون السودانيون
من ناحية أخرى، أفادت ستيفاني خوري بوصول نحو 99 ألف لاجئ سوداني إلى ليبيا، منذ بداية الأزمة السودانية عام 2023، “ولا تزال ظروف حقوق الإنسان والظروف الإنسانية والحماية التي يواجهها المهاجرون واللاجئون في البلاد تثير القلق”.
وقالت إن من الأهمية بمكان مواصلة تقديم المساعدة الإنسانية مع مساعدة السلطات الليبية في تعزيز إدارة الهجرة بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان.
دعوة إلى تحقيق العدالة للنساء الليبيات
تحدثت في جلسة المجلس أيضا المحامية الليبية هالة بوقعيقيص نيابة عن المجموعة الاستشارية للمرأة الليبية للسلام والأمن، مسلطة الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه المرأة في عملية السلام في ليبيا.
وأشارت بوقعيقيص إلى استمرار ما وصفته بتهميش المرأة في مفاوضات السلام والسياسات الاقتصادية والحكم، على الرغم من الوعود بتمثيل أكبر.
ودعت إلى إنهاء الاعتقالات التعسفية وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وضمان المشاركة الفعالة للمرأة في عمليات صنع القرار. وحثت بوقعيقيص مجلس الأمن على تعيين رئيس لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وإعطاء الأولوية لمشاركة المرأة في عملية الانتقال في ليبيا. يُذكر أن السيدة ستيفاني ويليامز هي نائبة رئيس البعثة، وتتولى بالنيابة مهام رئيس البعثة السياسية منذ انتهاء ولاية رئيسها عبد الله باتيلي.
ودعت المحامية الليبية هالة بوقعيقيص إلى العدالة والمساءلة وعملية مصالحة وطنية شاملة. وأكدت على أنه لا يمكن تحقيق السلام الحقيقي بدون العدالة، ومضت قائلة: “إن العدالة لابد وأن تتحقق للنساء في ليبيا ـ سواء بالنسبة لمن سقطن أو اللائي ما زلن يحملن على أكتافهن عبء نضالات أمتنا. لقد حان الوقت للعمل من أجلهن ومن أجل مستقبل ليبيا”.