أسباب أزمة الخبز…..بقلم حسونة جمعاوي

أسباب أزمة الخبز…..بقلم حسونة جمعاوي

29 جويلية، 20:45

تعيش بلادنا حاليا ضغوطات كبيرة في التزويد بمختلف المواد وخاصة منها مادة حساسة مثل مادة الخبز التي يمكن أن تتسبب في مشاكل واضطرابات اجتماعية. والأسباب عديدة ومتعددة اهمها السياسة المعتمدة للتحكم في الدعم. ومنها بالخصوص ما يلي:

  1. شرعت وزارة التجارة في تحديد الحصص الراجعة لكل مخبزة منذ منتصف عشرية سنوات 2000 باعتماد نظام الحصص لكل مخبزة. وقد بلغت الكمية الجملية الموزعة آنذاك (سنة2007) حوالي 7,5 مليون قنطار من الفارينة المعدة لصنع الخبز (11 م.ق لكافة الاستعمالات). هذه الكميات كانت محددة حسب عدد السكان البالغ سنة 2004 (10 ملاين و29 الف ساكن حسب التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2004) وطبقا لمعدل استهلاك الفرد حسب نتائج المسح الوطني للاستهلاك الاسري. وقد تراجعت هذه الكميات تدريجيا لتصل الى 6 م. قنطار سنة 2010 وحوالي 5 م.ق حاليا والحال ان عدد السكان ارتفع بحوالي 2 ملايين ليقارب 12 مليون ساكن.

والسؤال ما هذه السياسة؟ عدد السكان يرتفع وكميات الفارينة المعدة لصنع الخبز تتراجع؟؟؟

  • المعطى الثاني يتمثل في تحديد حصص شهرية غير كافية من الحبوب (قمح صلب وقمح لين) لفائدة المطاحن اضطر اصحابها إلى توجيه السميد والفارينة الرفيعة لمصانعهم الخاصة لصنع العجين الغذائي مما جعل تعليب الفارينة والسميد على حساب تزويد السوق الداخلية. علما أن كافة اصحاب المطاحن يمتلكون مصانع لصنع وتعليب هذه المواد. وقد أدى ذلك إلى غياب مادة السميد والفارينة الرفيعة من الأسواق التي تعتبر مادة أساسية لصنع الخبز العربي ويخفف بذلك على الإقبال على المخابز لاقتناء مادة الخبز.
  • المعطى الثالث الذي ساهم في اضطراب التزويد بمادة الخبز يعود إلى سياسة المراقبة الاقتصادية المعتمدة والتي أصبحت عقيمة وسيئة للغاية منذ بداية تحديد الحصص وزادت سوءا بعد 25 جويلية 2021 لما أعطيت تعليمات صارمة لتشديد المراقبة الاقتصادية للحد من  استعمال المواد المدعمة في غير محلها، وهذا جيد، لكنها اعتمدت طريقة ردعية قديمة وغير مجدية تتمثل في التخفيض في الكميات لبعض المخابز المخالفة وحرمان عدد لا بأس به من التزود بالفارينة المدعمة دون ضخ كميات إضافية للمخابز المنظمة المجاورة لتعديل الكفة بالجهة او بالحي المعني بالمنع وخاصة في بعض الجهات خلال المواسم الاستهلاكية مثل فصل الصيف على الحدود الشاطئية وفترة التظاهرات التي تشهد عادة إقبالا كبيرا من المواطنين واستهلاك كميات أكبر من مادة الخبز.
  • معطى آخر ساهم في ارتفاع الاقبال واستهلاك مادة الخبز، فإلى جانب غياب السميد والفارينة الرفيعة من الاسواق كان لضعف الطاقة الشرائية للطبقات الضعيفة والمتوسطة دور في تزايد الإقبال على مادة الخبز حيث أصبحت العادات الاستهلاكية لهذه الطبقات تتوجه تلقائيا وللضرورة نحواستهلاك مادة الخبز اكثر من ذي قبل وهو ما يؤكده المعهد الوطني للإحصاء خلال مختلف دورات المسح الوطني للاستهلاك الأسري.
  • هناك مسألة أخرى وليست الأخيرة لابد من الانتباه لها تتمثل في معاناة ما يسمى بالمخابز العشوائية التي لعبت دورا كبيرا في تلافي جزء من النقص الحاصل من مادة الخبز لكنها أصبحت تعيش الكثير من الصعوبات بسبب ضعف التزويد بالفارينة الرفيعة مما اضطر العديد منها الي الغلق تلقائيا. وتجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم من الدور الذي تلعبه هذه المخابز في تعديل التزويد بالخبز فإن أصحابها استغلوا الظرف للترفيع في أسعار منتجاتهم من الخبز بدعوى انه خبز خاص لا يخضع للتسعيرة ولا للوزن القانوني وهو ما لم تنتبه له أجهزة المراقبة وبقي المواطن يدفع الضريبة.

هذه عينة من الإشكاليات التي ساهمت في ارتفاع الاقبال على مادة الخبز واصبح المواطن يخصص وقتا طويلا للوقوف أمام المخابز لاقتناء حاجته من هذه المادة. أدعو بالمناسبة السلط المعنية إلى تعديل سياسة التزويد بالمواد الأساسية ومزيد حوكمتها وإعادة النظر في الطرق الإدارية لردع المخابز المخالفة لتراتيب الدعم.

مواضيع ذات صلة