إلى تلميذتي العزيزة أريج الحشيشة التي فرّقت بيننا الأيام… سامي النيفر

إلى تلميذتي العزيزة أريج الحشيشة التي فرّقت بيننا الأيام… سامي النيفر

13 مارس، 21:12

السلام عليكِ أيتها الطفلة العاقلة الذكية الوفية الطيبة… السلام على البُنيّة النبيلة التي تعذّبتُ لفراقها غصبا عني… طيلة 10 سنوات من مسيرتي، درّستُ حوالي 1000 تلميذ أعطيتُهم كلهم من لحمي ودمي وحاولتُ أن أتقن عملي إلى أبعد الحدود… عرفتُ قسوة الحياة وظلمها حين أُجبرتُ على ترك قسمي السنة الماضية رغم أنّ التلاميذ أرادوني أن أعود ولكنّ إحدى الإداريّات وأحد النّقابيّين “شمّوها قارصة” رغم أنّها حلوة… تحيّة خاصة إلى تلميذتي وابنتي العزيزة أريج الحشيشة التي حُرمتُ منها وحُرِمَتْ مني وإني والله لأبكي بدموع القهر على عدم تدريسها سوى ساعتين في اليوم الأول ولكنها تأتيني وتسأل عن أحوالي وتدعو لي بصدق وبلطف وبطيبة وبفرنسية أنيقة قائلة في كل مرة : “.ça va ? J’espère que tu guériras”… أنتِ ابنتي التي لم ألدها… ليت الزمن يعود سنة إلى الوراء فأعوّضكِ كلّ ما فات وأقدّم لكِ كلّ ما أملك من علم وثقافة وخُلق وحكمة… أعتذر لكِ وللعديد من زملائكِ الطيبين عن انسحابي مُرغما وكم كنتُ سأسعى لإسعادكِ وإسعاد أمثالكِ من الطيبين والطيبات… أتذكّر حماسكِ الكبير خلال تلك الساعتين الأوليين وكيف كان اجتهادكِ وحبّكِ لي وللمادّة فأتألّم لأننا لم نكن نعلم ما تخبّئه لنا الأقدار من مفاجآت غير سارة في الطريق… أنا موجوع جدّا لخسارتكِ العام الماضي لأنّكِ من أنبل التلاميذ الذين اعترضتُهم وأرجو أن أدرّسكِ وأعوّض لكِ ما مضى… أتألم كثيرا كلما أغضبني تلميذ مشاغب وتطاول عليّ وأنا أسعى لإفادته بينما لم أفعل ذلك مع أريج التي كانت تستحقّ كل خير… أتألّم كثيرا عندما أتذكّر أن بعض التلاميذ تدرّسهم سنة كاملة وأحيانا ثلاث سنوات متتالية ثمّ لا يسلّمون عليكَ ولا يعرفونكَ بل إنّ فيهم من يكذب عليكَ ويتهجّم عليكَ هو أو أهله رغم أنّك تحسن إليهم ثمّ تأتي أمامي أريج الطيّبة التي بقيت وفيّة لي رغم أنني لم أقدّم لها شيئا وكانت أحقّ التلاميذ بالتضحيات والعطاء… لماذا نحسن لمن لا يستحقّ بينما نسيء للطيبين دون أن نشعر ؟ لقد أخذ كل تلميذ من دمي ولحمي وعظمي ومن أعصابي ما الله به عليم وفيهم من لم يكن يستحقّ ذلك بينما لم تحظَ أريج الخلوقة والمجتهدة والذكية بشيء من ذلك… أبدا لن تعرف روحي السلام دون إنصافكِ وكلمة الحقّ هذه جزء قليل من العدل والخير الذي كان عليّ أن أمنحه إيّاكِ ولم أفعل… أتذكّر تجمّع عدة تلاميذ حول سيارتي في ديسمبر 2021 راجين منّي أن أعود فأتأثّر لذلك المشهد… الدنيا أحيانا ظالمة فقسمكم يتمنّى عودتي ساعة واحدة وغيركم قد يتأفّف مني وأنا بجانبه.. أما هذه السنة فعند غيابي المؤقت شعرتُ بالوحدة والوحشة وبقهر شديد ولكنّني حلمتُ ذات ليلة بتلميذتي قمر الحاج طيّب تقرأ عليّ سورة الإخلاص من المصحف فاستبشرتُ قليلا إلى أن رأيتُها حقّا في الصفوف الأولى للمكرّمين لي يوم عودتي فعرفتُ أنّ الرؤيا كانت صادقة. لا أنسى ما مررتُ به من إحباطات خاصة خلال أول 4 سنوات من تدريسي ولن أنسى ذلك المدير الظالم الذي يدّعي أنه ملاك لطيف و”الحاج” الجاهل والنقابي غير المرشد والزميلات اللواتي تخلّين عنّي في ذلك الزمن المشؤوم وكل من ظلمني حينها كما لا أنسى حبّ التلاميذ الحقيقي الذي يجعلنا نواصل رغم العراقيل ورغم المكائد وتشويه السمعة… تحيّة خالصة لكِ يا أريج ومن ورائكِ إلى كل تلميذ حسن السيرة والسلوك… أودّ أن أنصفكِ يا ابنتي العزيزة ولكنني إلى الآن لم أفعل…

مواضيع ذات صلة