اخترت لكم …” الشرمولة والحوت المالح ” عشق أزلي..نجيبة المعالج دربال

اخترت لكم …” الشرمولة والحوت المالح ” عشق أزلي..نجيبة المعالج دربال

5 افريل، 18:30

هي من أشهر الأكلات في مدينتي صفاقس صبيحة يوم عيد الفطر المبارك .
وهي طبق لذيذ وعادة غذائية راسخة في القدم وتحولت لدى العائلة الصفاقسية الى تصنيفها ضمن الموروث الثقافي والغذائي لجهة صفاقس .
هذا الطبق أو هذه الوجبة دأبت على احضارها على مائدة عيد الفطر العائلة الصفاقسية منذ عهود وهي من ابرز واقدم عادات أهالي صفاقس. هذا فضلا عن المشروبات بانواعها و الحلويات أيضا بكل أنواعها من بقلاوة وملبس وكعك لوز وغيرها… قيل والأقوال في تاريخها كثيرة تعود هذه العادة عادة الشرمولة والحوت المالح في صفاقس ؛إلى حادثة قديمة وقعت لسكان صفاقس منذ مئات السنين. ففي سنة كثر فيها الخير من صيد السمك عاد الصيادون في اليوم الأخير من رمضان وشباكهم مملوءة أسماكا كبيرة وكثيرة لم يقبل على شرائها الناس بكثرة نظرا لأن العادة في عيد الفطر كانت في أكل اللحم لا السمك.اضطر بعض الصيادين إلى إلقاء الأسماك في البحر ..وفكر آخرون في امكانية خزنها كما يخزن اللحم وذلك بتجفيفه مملحا (قديد) وفعلوا.. لكن بعد أكله اشتد بهم العطش لشدة ملوحته فاقترحوا أن تضاف معه طبخة حلوة عساها تخفف من أثر الملح في الجسم وتزيل العطش. فطبخوا الشرمولة وتقديمهما معا…
وربة البيت في صفاقس تحضرها قبل بضعة ايام من حلول عيد الفطر .
وهي متكونة من الزبيب من نوع جيد وهو العنب المجفف و من إنتاج غابات صفاقس ومن البصل. فبعد ان ينقى الزبيب من الشوائب ويغسل جيدا يرحى جيدا مرة ومرتين ثم يصفى بغربال جيد (غربال التشيش) وبمقدار معين من الماء . ويوضع جانبا حتى يعد البصل..
ومن جهة أخرى وفي اناء اخر واسع يحضر البصل ومن الأفضل ان يكون من النوع الأحمر ينظف جيدا ويقص أيضا جيدا وقطعا صغيرة وبمقدار معين حسب كمية الزبيب ويوضع في اناء فيه زيت أيضا بمقدار معين ويوضع على النار .. اذن البصل والزيت يقلى جيدا على نار هادئة الى ان يحمر البصل ويصير لونه داكنا عندها يضاف اليه الزبيب المخروج والمصفى ويبقى الخليطان على النار وقتا ..حتى يتبخر الماء ويصير الخليط كانه معجون زبيب وبلون يميل ال السواد وتقف الشرمولة على زيتها هكذا كانت تقول جدتي رحمها الله .و اليوم كل عائلة و على مذاقها (تفوحها ) تضيف اليها ملعقة من البهارات.. سواء فلفل أحمر أو كركم أو كبابة أو مسكته أو من كل ذلك …انا شخصيا أضع فقط شيئا من دقيق شوش الورد العربي يعطيها نكهة لذيذة لا غير.
ونأتي الى قصة الحوت المالح مع الشرمولة..
الحوت لا بد أن يكون من النوع كبير الحجم مثل المناني والبوري والغزال والكرشووالقاروص والاحناش.. كل عائلة حسب طاقتها الشرائية وحسب ذوقها ..
قديشترى مملحا و قد تملحه العائلة بشرائه قبل أيام وتشريحه وتمليحه وبحكمة واليوم صاروا يتفننون في طرق التمليح لتخفيف درجة الملوحة . ليلة العيد يوضع بعد ازالة الملح وتنظيفه في اناء كبير بالماء ونغيره من حين الى اخر.. وصبيحة يوم العيد توضع الكمية حسب أفراد العالة في اناء كبير من الماء الساخن بعد ان بنظف جيدامن الملح ونغير ان احببنا الماء لتقل درجة الملوحة ويوضع على النار , وعندما يستوي جيدا نرفعه من الماء الساخن ونضعه في انية والشرمولة ايضا في انية أخرى ويكون الفطار جاهزا للتقديم.. ولا يتم الأكل الا بخبز العيد ..
فثالث ميزة في عيد صفاقس مع الشرمولة والحوت المالح هو خبز العيد ..
تفنن الصفاقسية والخبازة في احضاره من السميد و مفوح بكل النكهات من حبات بسباس و سينوج أو جلجلان وحبة حلاوة الخ …
وخبز العيد شهي جدا ويسمى خبز عيد لانه عادة يكون حجمه مدورا وكبيرا . وبعد صلاة العيد يجتمع شمل العائلة حول هذا الطبق الشهي فطور صباح اليوم الاول لعيد الفطر..
وطبعا يغمس الخبز في الشرمولة ونتناول معه السمك فنجمع بين مذاق الحلاوة والملوحة . ولا يتبنن ويفهم سر هذا الطعم الا أهالي صفاقس أو من اتبع عادتهم .
وطبعا هذه الأكلة تفتح الشهية لشرب الماء والعصير بانواعه.. وهذا مفيد للمعدة فالجسم في حاجة بعد الصيام الى الماء و غيره ليسترجع الأملاح التي خسرها عند الصيام . وطبعا تفتح الشهية لحلويات العيد بمختلف انواعها وطعمها ..
وكل عيد فطر في صفاقس والشرمولة والحوت المالح وخبز العيد لا تخلو منها جل موائد الصفاقسية.وكل عيد فطر ونحن جميعا أينما كنا وبمختلف عاداتنا بخير.
مع أعطر تحياتي.
نجيبة المعالج دربال .

مواضيع ذات صلة