التعليم النموذجي في تونس ..تفرقة و فرز اجتماعي…الاستاذ شكري الماجري

التعليم النموذجي في تونس ..تفرقة و فرز اجتماعي…الاستاذ شكري الماجري

21 جوان، 21:01

بصفتي مدرس كنت و لا زلت و سأظل أعتبر أن التعليم النموذجي في تونس هو أكبر خسارة لتونس من جميع الجوانب تفرقة و فرز اجتماعي – استنزاف لموارد الدولة و مقدّراتها على فئة من التلاميذ لا تنفع البلد مستقبلا في شيئ – عدم تكافؤ الفرص بين ابناء الوطن الواحد اذ يتمتع التلميذ في المعاهد النموذجية بخبرات خيرة الاساتذة و بظروف ممتازة في الدراسة و بنسق قوي و بِبُنية تحتية جيدة و بحضوة خارقة و بعد ذلك في الباكالوريا يمتحن هذا التلميذ بنفس الامتحان مع من لم تتوفر له عُشر هذا النعيم التربوي.انا مواطن و مدرس و مرب: اكره هذا الفرز الطبقي التربوي الذي يرسخ الشعور بالفوقية و الفرز الادراكي الذهني على حساب الاغلبية التي لم تتوفر لها فرص التميز مثل البنية التحتية الجيدة ، فرض الصرامة و الانضباط ، إنتقاء خيرة الأساتذة ، نسق تمدرس مضبوط و متوازن و نظام تقييمي شامل ….أكره هذا الفرز لأني أستشعر الهوس لدى العائلة التونسية و الإستغلال الفاحش للدولة و مقدّراتها و جعلها جسر يمر عبره التلميذ الى الخارج للعيش هناك و اهداء نبوغه و ذكاءه للغرب .اكره و أمقت هذا الفرز لأن الدولة تسخّر معاهد و مخابر و اساتذة و ظروف جيدة للتمدرس لنظام تعليمي لا يفرز لنا لا قياديين للبلد و روّاد في جميع المجالات الحياتية في تونس …اكره هذا النظام و هذا الفرز لأنه حرمني كمدرس من مساعد في القسم ( في البيداغوجيا التلميذ الممتاز يلعب دور الاستاذ احيانا تجاه زملائه ذو الفهم المتوسط أو الضعيف ) اكره هذا التعليم النموذجي لأننا كما يقول المثل العامّي ” كالشهيلي نطيبو لغيرنا ” أخيرا اكره هذا التعليم النموذجي لأن التسمية الفرنسية Lycée Pilote هي تسمية خاطئة، إذا اعتبرنا أنّ Pilote لا تتوافق مع لفظ نموذجي لغة و اصطلاحا. فPilote هو القائد الذي يعمل على توجيه عمل الباخرة أو الطائرة، يعني يتحمّل المسؤولية المعنوية والماديّة والانتقال بالمرافقين من حال إلى حال و وهو ما لا تقوم به المدرسة النموذجية التونسية التي لا تراهن على جيل قائد و رائد بقدر ما تراهن على جيل صاحب أعداد مُنتفخة و مُعدّلات صاروخية.ملاحظة : قد لا يستسيغ مَن ابناءه في الاعداديات و المعاهد النموذجي هذا الرأي اقول له بكل شجاعة لك الحق في ان يكون ابنك في اعلى المراتب و لك الحق ان يسافر ابنك و ينعم بالأورو و الدولار و تنعم انت ببذخ الحياة و نعيمها ( كله بفضل تونس المسكينة و الغبيّة) و لكن انا ايضا لي الحق في ان احلم بوطن يتسع للجميع و تتكافؤ فيه الفرص و لا يشعر أحد منا بالغبن و القهر .أقول له أيضا من حقك أن تفكر في مصلحتك الذاتية و من حقي انا افكر في مصلحة وطن باعوه و لا زالوا يفاوضون في بيع ما تبقى منه .

مواضيع ذات صلة