” الحقوقي الحق يقول الحق ولا يصفق للباطل..!فتحي  الهمامي

” الحقوقي الحق يقول الحق ولا يصفق للباطل..!فتحي الهمامي

11 سبتمبر، 21:03

ليس غريبا ابدا عن هذه البلاد ان تتعالى الأصوات في كل مرة منددة أو حتى ممتعضة من انتهاك يلحق حقوق هذا او ذاك من المواطنين. كيف لا وإرث عريق من الكفاح في سبيل الحقوق والحريات يتدفق في جسمها كما يتدفق الدم في العروق “صباحًا مساءً وقبل الصّباحِ وبعد المساءِ ويوم الأحد”ْ (الشاعر أولاد أحمد). ولهذا لم تفتر حيوية الحقوقيين قبل وبعد ويوم 25 حويلية. ولم يخفت صوتهم في هذه الفترة الحساسة التي تعيشها بلادنا. ففي هذه الظروف التي يتم فيها تقييد بعض الحقوق الإنسانية اندفعوا يطالبون باحترام الحق في محاكمة عادلة، في حرية التنقل، في حماية المعطيات الشخصية، في حماية اللجوء، في التظاهر السلمي…وهي كغيرها من مبادىء حقوق الإنسان الكونية يجب أن تكفل من قبل الدولة لكل شخص وفي كل وقت. وبالمثل من واجب الهيئات الحقوقية والمهنية وغيرها التنبيه على السلطة في كل وقت وفي كل مكان في حال إنتهاكها وهو ما تفعله بصفة عامة.ولكن من الأهمية بمكان التذكير هنا أن السواد الأعظم من الحقوقيين ومن الجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان قد عبروا، بخصوص قرارت رئيس الجمهورية ليوم 25جويلية 2021: تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإقالة الحكومة ، عن تفهمهم لدوافعها كما تقبلوها في صيغة المساندة النقدية. وأيضا دعوا – في نفس الوقت – إلى مراعاة مبادىء حقوق الإنسان خلال هذه الفترة الإستثنائية، وإلى تكريسها في كونيتها وشموليها ضمن المشروع الجديد. فهل في ذلك الموقف نكوصا عن إلتزاماتهم الحقوقية وتراجعا عنها؟ ليس خافيا هنا ان ذلك الموقف الجامع بين الإلتزام الوطني والحقوقي وسام يوشح صدر المجتمع المدني وأَمَارَة على حس وطني عميق، ممزوج بحس مواطني مرهف. فكأني به يقول: لا حرية للوطن دون حرية المواطن ولا حرية للمواطن دون حرية الوطن. أو كما قيل في الماضي: “من يخطط للتغيير دون حرية إنما يخطط للفشل” (شعار للحزب الشيوعي التونسي). ولهذا نرى جمعيات المجتمع المدني تلح على السلطة إشراكها الآن وهنا ومن موقع الإستقلالية في المجهود الوطني لإنقاذ الوطن والمواطن من منظومة الحكم الفاسدة والمتسلطة، وفي عملية تشييد الجديد. ولكنها تحرص في نفس الوقت على لعب دور الرقيب اليقظ على افعالها في مجال الحقوق والحريات وعلى تواصل شراكاتها الحقوقية الإيجابية مع شركائها في الخارج دون الوقوع في دور المحرض على بلادها كما يفعل الآن بعض المهتزة عروشهم. ولكن من الطبيعي ان يحصل البعض من التعثر في تجسيم تلك المقاربة أو ان تفقد أحيانا القليل من توازنها نظرا لتعقيدات الواقع أو محاولات البعض (السلطة او من داخل المجتمع المدني) الدفع في إتجاه القضية الوطنية او في إتجاه القضية حقوقية أي تغليب واحد على آخر. في حين انهما متكاملان متعاضدان. وقد لوحظ – مثلا- كيف يتحول الدفاع عن الحق ( الحق في التمتع بشروط المحاكمة العادلة لفائدة محام) إلى شكل من التضامن الأعمى المؤدي إلى شبه تعمية لما إقترفه هذا او ذاك من شبهة تجاوز القانون، وإلى شكل من المؤازرة الفئوية المؤذية لحقوق الآخر ولحقوق المجتمع.كما لوحظ أيضا كيف يتحول الدفاع عن الحق الوطني (حق البلاد في حماية امنها الوطني وفي المحافظة على علاقة مميزة مع الجارة الجزائر) إلى شكل من التعد على حقوق الشخص اللاجىء في بلادنا.فهذا وذاك يعدان حسب رأيي شططا في قول الحق الذي يقترب من التصفيق للباطل.

“فتحي الهمامي

مواضيع ذات صلة