الرّسول الكريم محمّد : أكثرنا تمجيده وأضعنا سنّته …سامي النيفر

الرّسول الكريم محمّد : أكثرنا تمجيده وأضعنا سنّته …سامي النيفر

7 أكتوبر، 18:30

نحتفل هذه الأيام بالمولد النبوي الشريف مولد الرسول محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم.. رسول الهدى والرحمة والأخلاق.. وقد يدّعي كل مسلم حبّه وذلك بتمجيده وتعظيمه وربّما المبالغة في ذلك أحيانا لأنّه يظنّ أنه قام بواجبه وأراح ضميره وأظهر إيمانه عند نظم القصائد والمدائح والأذكار والموسيقى والحضرة والتفنّن في عبارات المدح والثناء على رسولنا الحبيب وينتهى الأمر عند هذه النقطة..

وكل ذلك مستحبّ إذا كان معتدلا وصادرا من قلوب سليمة لا تحمل الحقد والضغينة والحسد والظلم وغيرها من الأخلاق الذميمة.. من كان يحبّ رسول الإسلام فَلْيُحْيِ سنّته.. لو كانت سنّته مطبّقة لكان العدل منتشرا فينا ولكان القضاء أفضل حالا.. لو كانت سنّته مطبّقة لما اضطرّ شيبنا وشبابنا إلى الهجرة إلى بلاد “الكفّار” أملا في مستقبل أجمل وعدل أفضل..

لو كانت سنّته مطبّقة لكان الشباب مستورا ومحصّنا ولأغلقت المواخير في كل أنحاء العالم ولنصحنا بناتنا وعائلاتهن بعدم المبالغة في اشتراط المهور حتى أصبح الزواج عملية تجارية دون بحث عن الثقافة والخلق السليم والصحة الجسدية والعقلية..

لو كانت سنّته مطبّقة لكان الرجل والمرأة مسؤولين بحقّ في العائلة يقومان بواجبهما في العناية بشؤون البيت عوض المبالغة في الاستعانة بالخدم والحضانات والمروّضات حتى في أيّام الراحة والفراغ ! لو كانت سنّته مطبّقة لما كان المجتمع مفكّكا ممزّق الأوصال ولما قطّعت أرحام حيث الخصومات على الميراث والطلاق وجرائم القتل والمكائد بجميع مظاهرها فلا يسلم الآباء من الأبناء ولا الأبناء من الآباء ولا تنصح عمّة ولا خالة ولا قريب ولا صديق إلا من رحم ربّك.. لو كانت سنّته مطبّقة لأحبّ كل واحد لأخيه ما يحبّ لنفسه فأين نحن من ذلك وقد عمّتنا المؤامرات واللامبالاة والأنانية والمادّيّة وقد يبيع الواحد مبادئه بحفنة من المال وقد انتشرت الرشوة والفساد والمضاربة والاحتكار والمسكرات والمخدّرات وحوادث الانتحار والفقر والبطالة وضاع مستقبل بعض الشباب الذين احتقرناهم رغم طاقتهم وانحرفوا أيضا دون ناصح بودّ أو رادع بجدّ إن لم ينفع اللين..

أين نحن من سنّته وأطفالنا محرومون من طفولتهم لا يلعبون ولا يترفّهون وفي نفس الوقت هم مدلّلون متكاسلون متواكلون وأحيانا على الكبار متطاولون ولكنّهم أيضا لا يلقون النصح ولا الإرشاد رغم الدلال والانحلال.. كيف لمن غرق في المادّيّة وابتعد عن الرّوحانيّة يهتمّ فقط بنفسه ولا ينصر أخاه حتى بكلمة حق وأنا وبعدي الطوفان أن يدّعي حبّه ؟ كيف لمن أفتى بهواه وتكبّر على الناس وركب العناد وتاجر بالدين من أجل أغراض دنيوية أن يدّعي حبّه ؟ وضع سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي وبيئي متردّ ساهم فيه بعض من يدّعي حبّه..

لو كانت سنّته مطبّقة لعمّنا النظام والنظافة واحترام الآخرين ولكانت مدننا أكثر جمالية وجاذبية.. لو كانت سنّته مطبّقة لعمّ الوطن العربي الرخاء ولاجتمع المسلمون على كلمة واحدة عوض الفتنة والفرقة وتقتيل بعضهم بعضا بينما أموال الأمّة تذهب إلى أمريكا وإسرائيل وغيرهما من المعتدين.. لو كانت سنّته مطبّقة لكنّا معتدلين بعيدا عن التعصب أو الانحلال ولأحببنا الأمم الأخرى ولكن دون تفريط في حقوقنا وتطبيع مع مغتصبينا.. ماذا نقول في شخص يظلم ويفسد وبعد ذلك يتفنّن في مدح الرسول محمّد تماما كالحاجّ والمصلّي الذي اهتمّ بالظاهر وأهمل اللبّ والباطن بينما قال رسول الإسلام : “أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقََلْبُ” متّفق عليه     

مواضيع ذات صلة