“بيننا و بينهم بون بائن”…الازهر  التونسي

“بيننا و بينهم بون بائن”…الازهر التونسي

23 افريل، 21:04

“بيننا و بينهم بون بائن”هذه القولة هي لابن أبي الضياف الذي صاحب أحمد باي في رحلته الشهيرة لفرنسا سنة 1846م وهي استنتاج للفرق بين وضع البلاد التونسية و فرنسا في القرن التاسع عشر و بعد حوالي قرنين نجد أنفسنا في نفس الوضع فبالأمس تابعت عبر قناة فرنسا 2 الندوة الصحفية التي عقدها رئيس الحكومة الفرنسية صحبة وزيري الصحة و التربية و مما استنتجته من هذه الندوة حرص الحكومة الفرنسية على استعراض الإجراءات التي قامت بها في مواجهة كورونا قبل مطالبة المواطنين باتخاذ خطوات معينة بينما نحن في تونس و على سبيل المثال بلاغ اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث في صفاقس و الذي جاء باهتا لا ينسجم تماما مع خطورة الوضع إذ سجلنا في صفاقس في يومين متتاليين حصيلة قياسية في عدد الوفيات تمثلت في 26 وفاة أترحم بالمناسبة على أرواحهم الزكية و أدعو الله أن يغمرهم بعفوه و غفرانه و كان هذا البلاغ كالعادة له صبغة أمنية بالدعوة للتطبيق الصارم للقانون وهي دعوات مفعمة بالتهديد و الوعيد نستمع إليها بصفة تكاد تكون يومية و آثارها تكاد تكون منعدمة فقبل مطالبة المواطن بتطبيق القانون ماذا قدمت كسلطة لهذا المواطن الأعزل في مجابهة الكورونا نمر الآن إلى مقارنة ثانية إذ أعلن في الندوة الصحفية المشار إليها أعلاه عن إعادة فتح المؤسسات التربوية و لكن هذا الفتح سيكون مرفوقا بعدة إجراءات منها اعتماد تحاليل اللعاب لدى التلاميذ بصفة مكثفة لاكتشاف المصابين قبل تفشي العدوي ثم تمكين المدرسين من ثلاثة تحاليل سريعة أسبوعيا لمراقبة الحالة الوبائية في صفوفهم إلى جانب اعتماد مبدأ أللأولوية في التلقيح للمدرسين و الحرص على تطبيق البروتوكولات الصحية المعروفة لكن على أرض الواقع و ليس إعلان حسن نوايا و في المقابل يصدر بلاغ عن وزارة التربية بتونس يمكن المدرسين الراغبين في إعطاء دروس لتلاميذ التاسعة أساسي و الباكالوريا تحت لافتة إكمال البرامج استعدادا للامتحانات الوطنية وفي رأيي يعد هذا البلاغ فضيحة بكل المعايير إذ يضرب مبدأ قامت عليه المنظومة التربوية التونسية منذ الاستقلال وهو مبدأ تكافؤ الفرص هذا من ناحية و من ناحية أخرى ينقل المسؤولية من المؤسسة إلى الأفراد وقد كان على وزارة التربية و من ورائها الحكومة اتخاذ إجراءات أخرى وهي في رأيي عاجلة أولها اعتبار الإصابة بالكوفيد في صفوف المربين بمختلف أسلاكهم من الأمراض المهنية و ما ينجر عن ذلك من اكتساب حقوق أهمها تكفل الدولة بعلاج المصابين و لا نجد أنفسنا أمام وضعيات كالوضعية التي عاشتها عائلة زميلنا المرحوم إيلاف بن عمر ثانيا قبل الحرص على عودة التلاميذ يتعين تكثيف التحاليل السريعة في المؤسسات التربوية بما يضمن اكتشاف المصابين و عزلهم في الوقت المناسب و قبل تفشي العدوى ثالثا العمل على توفير وسائل الوقاية في المؤسسات التربوية على أرض الواقع و ليس اعتماد ذلك على الورق فقط كما أدعو إلى اعتبار العاملين في المؤسسات التربوية من ذوي الأولوية في الحملة الوطنية للتلاقيح و فتح مراكز خاصة بهم لتطعيمهم و أخيرا بالنسبة للامتحانات الوطنية فإنه إما تأجيلها إلى شهر سبتمبر إلى حين انفراج الوضع أو اعتماد مبدإ توسيع الخيارات للمترشحين فهذه سنة استثنائية تستوجب الشجاعة في اتخاذ إجراءات استثنائيةأخيرا دعوة للحكومة لاتخاذ إجراءات تتناسب مع خطورة الوضع و الإقلاع نهائيا عن التملص من تحمل المسؤولية و تكثيف حملات التلقيح بكل شفافية إذ نلاحظ من خلال الدعوات وجود العديد من الهنات أتمنى أن يقدم تفسير لها أو يسعى لتداركها

مواضيع ذات صلة