رحلة بين الواو و النون…بقلم آمنة المعزون الزياني

رحلة بين الواو و النون…بقلم آمنة المعزون الزياني

11 نوفمبر، 17:00

أنستوطنها أم تستوطننا? أوطاننا نقطة ضعف قوية و مزلزلة تجتث من مآقينا أدمع يعقوب حتى أصبحنا نخشى على أعيننا البياض. لكل منا وطنه و حنينه و ذكرياته. أوطاننا قد نغادرها طوعا و قد تغادرنا هي قسرا. أوطاننا تنزف شوقا و تتنتظرنا خوفا منا و علينا. هكذا هي حائرة بين كر و فر رهيب كأمواج بحر منهكة من آخر قلا ع عاصفة هوجاء. أوطاننا أم ساهرة و راعية لفلذات أكبادها. أم تكابد العناء و تتحمل الأعباء لترفع البلاء. أوطاننا حبيبة فاتحة قلبها قبل ذراعيها لحبيبها المغترب. حبيبة لا تدري متى و كيف سيحلو اللقاء ولا تدري مدى لهفة الأحباب للثم أكفافها. أوطاننا طفل تائه على عتبات الذكريات يلتمس نظرة عطف و غمرة حنان. طفل نسي أمه في زحمة الدنيا. أوطاننا جسد نسكنه و يسكننا في جدلية مريحة و مرهقة في آن. أوطاننا روح إلاه تطفو بقدسيتها على حدود التاريخ و الجغرافيا. روح موغلة في الأزل تحوط حولنا هالة صوفية تسافر بنا من دناسة العالم السفلى إلى قداسة العالم العلوي.
 أوطاننا وتر حزين نسي لحن نوتاته حتى صار عزفه نشاز. يؤرقنا سماعه بقدر ما يطربنا حتى أصبحنا ندمنه كسجارة قاتلة. أوطاننا وجع نحنو عليه لنلملمه فينزف شكرا ويثير فينا رغبة البقاء كأننا خلقنا لنحتويه. أوطاننا رغبة نشتهيها فتأرقنا نشوتها و نحترق بصقيع تمنعها. أوطاننا غربة تغتالنا و تبيح دمنا إن خضب يوما وديانها الخضراءأوطاننا لغة قصية عن التعبير رموزها نقش على حجر, راسخة كصخر بأسفل نهر. أوطاننا معبد تدق أجراسه بصمامات أوردتنا كأنها تفتح قلوبنا حياة. أوطاننا مسجد جامع لسننا قبلا الفرائض, نمتلئ بتكبيراته كلما تعطشت أرواحنا لركعة العابد المتهجد.
أوطاننا قضية موؤودة تنتظر من ينوء عنها تراب الموت لمواصلة الصمود. أوطاننا حرب متعطشة لطعم النصر. أوطاننا جمال يسحرنا و يأسرنا و يغرينا بأن نستملكه. أوطاننا تعويذة نحملها في قلوبنا خوفا من إطلالة روح شريرة.أوطاننا دروب وعراء و مظلمة بظلام ظلامها. أوطاننا عشق مباح  وممنوع، عشق تمرس على الحب و اللاحب.   أوطاننا وجع حلو مستساغ. تلسعنا التجربة بمرارتها فنقتاد إليها مرارا و تكرارا عسانا نكذب حواسنا ,عسانا نتذوق المرارة عسلا. نهيم بالوهم و لكننا نخشى أن تصدمنا الحقيقة فيصمت العقل فاسحا بذلك المجال لحكم القلب الذي لا مرد لقضائه. لأوطاننا
. وطن في رحلة بين الواو و النون و القلم و ما يسطرون

مواضيع ذات صلة