صفاقس  :  في جبّانة التريكي يعتدون على حُرمة الموتى وينبشون القُبور!

صفاقس : في جبّانة التريكي يعتدون على حُرمة الموتى وينبشون القُبور!

14 جانفي، 20:00

في صفاقس فقط ينبشون عظام الموتى ويطلبون من أهاليهم أن يحملوا رفاتهم في كيس إلى مكان آخر في مشهد مخز يفتقر إلى أدنى درجات الإنسانية.. علينا أن نكون وحوشا ومتوحّشين كي نفعل ذلك ويجب أن يكون أقارب الميّت بلا قلوب حتى يحضروا نبش قبره ثم يحملون جواجمه وعظامه وترابه في كيس بلاستيكي وفوق هذا يطلبون منه أن يدفع 100 دينار ثمنا للقبر الجديد في انتظار نبشه مرة أخرى بعد عشرات السنين.. يحصل هذا في جبانة التريكي في ساقية الداير حيث كان من المفترض أن تتمّ هذه الجريمة منذ 2018 وقد طلبوا من الأهالي وقتها 50 دينارا فإذا بالثمن يتضاعف بعد 3 سنوات ولا تأخذ رفات أهلك إلا بعد أن تدفع المبلغ الذي لا يختلف سواء كان قبر بنت صغيرة أو عجوز كبيرة.. كل ذلك وسط غفلة من مجتمع مدني منشغل بالصور الفايسبوكية وبالأنشطة الوهمية بينما تغيب عنه قضايا الجهة الفعلية.. بعض أجدادنا ينقلون للمرة الثانية في 40 سنة ! بعضهم دفن بنته الصغيرة التي ماتت عند الولادة وبعضهم دفن أحبّته الذين ماتوا في حادث لتأتي البلدية اللامسؤولة واللامبالية والتي “تخاف الله” بهذا الفعل الشنيع لتثير الأوجاع والآلام عند الأهالي.. لا بارك الله في أيّ مشروع سيحلّ محلّ الموتى الذين لم يجدوا مترين ليرقدوا فيهما بسلام وكانوا معذّبين أحياء وأمواتا في صفاقس علما أن جبانة التريكي تقع في زنقة بعيدا عن الطريق العام وأننا لسنا في حاجة إلى مشاريع أخرى تزيد من تهرئة البنية التحتية التي لم تعد تتحمل كل هذا الضغط الذي يأتي من الانفجار الديمغرافي والبنايات الشاهقة.. أين كانت البلدية في موضوع نظافة المقابر وحمايتها من المنحرفين ونظافة البلاد وتهيئة الأحياء والأنهج والشوارع وتزيينها ومقاومة الكلاب السائبة وغير ذلك من صميم مسؤولياتها التي تتقاعس في القيام بها ؟ ما ساعدكم على التمادي في جرمكم هو عدم وقوف الأهالي المسالمين والمجتمع المدني النائم في وجهكم ويا ليتهم يفعلون ويمنعونكم من تنفيذ مخطّطكم .. ألا تعلمون أن زيارة الميت وإكرامه من شعائر الإسلام الذي تستخدمونه شعارا لحملاتكم الانتخابية ولقضاء مآربكم السياسية ؟ أما رأيتم مقابر النصارى وكيف تحترم فيها الذات الإنسانية ؟ بل أما رأيتم كيف تشقّ المقابر الطرق في المهدية والقيروان والمرسى وغيرها دون أن تتجرّأ بلدياتها على فعل كأفعالكم  ؟ لماذا تلومون البوذيين حين يحرقون جثث الموتى ثم يسلّمون الرفات في قوارير لذويهم ما دمتم مثلهم ؟ كلا والله إنكم لأسوأ منهم لأنكم تدّعون الإخلاص والتقوى ولأنكم تأخذون مالا حراما على قبر ستنبشونه لاحقا ثم تأخذون المال مرة أخرى لنقل الرفات وهكذا دواليك… “ما يعجبك في الدهر كان طوله” نطمئنكم أنكم أنتم أيضا لن تجدوا قبورا ترتاحون فيها ولن تعرفوا السلام أبدا بأفعالكم وسيذكركم فعلكم دائما.

سامي النيفر

مواضيع ذات صلة