صفحات ماجورة بالمئات … و على الديمقراطية امسح مات

صفحات ماجورة بالمئات … و على الديمقراطية امسح مات

31 جويلية، 18:30

تعيش تونس منذ مدة ليست بالقصيرة… مخاضا سياسيا عسيرا نتيجة استقالة حكومة الياس الفخفاخ من جهة..و مطلب سحب الثقة من رئيس البرلمان من جهة اخرى، و ان يبدو للمتابع للشأن السياسي التونسي من بعيد او بصفة سطحية ان ما يحدث هو ظاهرة صحية و دليل قاطع على وجود ديموقراطية بناءة … فان الواقع مخالف لذلك تماما. قالديمقراطية ، صديقي القارئ، من مبادئها صراع الأفكار و البرامج و طرحها بطريقة عقلانية خالية من المصالح و الشبهات و لغاية وحيدة لا غير و هي مصلحة البلاد. لكن، و في وضعنا الحالي، فان السائد هو تكملة لسياسة دمغجة و تعبئة اديولوجية من هنا و هناك غايتها ضمان خزانات انتخابية دائمة تكون تابعة لاحزاب معينة سواء كانت على صواب او على خطأ، و هو ما يجعل مناصري هذه الاحزاب مثل جماهير كرة القدم الذي اتشرف بانتمائي اليهم، يساندون الحزب سواء كان على صواب او على خطا، هو ليس اكثر من ناخب في الجيب و مدافع شرس على الحزب الذي يناصره حتى يوارى التراب. هذا المناخ الديمقراطي المتشنج و المتوتر ، زاد اتساخا و تعفنا خلال الاسابيع الماضية بظهور صفحات ماجورة من هذا الطرف او ذاك ، تعترضك رغما عنك بمجرد ولوجك لمواقع التواصل الاجتماعي، صفحات تقوم اساسا على تشويه الطرف المقابل باخبار خاطئة و مغلوطة و مليئة بالحقد و الكراهية،عوض الحديث عن الحزب الذي تسانده الصفحة و انجازاته، وهو ما يجعلنا ندرك ان هته الاحزاب لا تملك انجازات تذكر و استقطابها لمناصريها يتم عبر شتم الاخرين لا غير و تبطين هته الشتائم بشعارات شعبوية فضفاضة تنطلي فقط على بسطاء العقول، بل وصل الامر بالبعض الى انشاء صفحات تحمل اسم الخصم السياسي له ، و هو ما ادى الى مزيد تقسيم الشعب و تنامي ظاهرة العنف اللفظي في التعاليق سبا و شتما و تهديدا، وعدم تقبل اي راي مخالف و نعته بانه ينتمي لهذا التيار او ذاك حتى لو كنت مستقلا مثل معظم هذا الشعب المسكين، فالايديولوجيا التي غذتها هته الصفحات تجعل من لا يشاطرك نفس الراي عدوا. في هذه الاثناء، يتابع الجميع باستغراب صمت الدولة و السلط على هذه الجرائم الفكرية و عدم البحث عن مموليها و فضحهم و وقف هذا التيار لانقاذ ما يمكن انقاذه ، قبل ان يتطور الامر اكثر و يتحول هذا العنف اللفظي الى عنف جسدي و تناحر و حتى لا قدر الله الى حروب اهلية على المدى الطويل و هو خطر ليس ببعيد عن الواقع خاصة اذا اعتبرنا من تجارب البلدان الاخرى التي اودت المصالح الضيقة فيها الى تبعية شعبية كبيرة مرتكزة على الحقد الايديولوجي و كره الطرف الاخر و من ثم الى حروب اهلية فتاكة سترنا الله منها

راسم العموري

مواضيع ذات صلة