عائد من تونس….الحلقة الخامسة….الطاهر العبيدي

حالة أنتظار مشوبة بالقلق والضبابية المخيمة على الوضع الاجتماعي والسياسي، والشعور بثقل المرحلة ماثلا أمام الجميع. وواقع الحال
   ّبات مؤرقا للجميع دون استثناء. البعض يسب الأحزاب التي اوصلت البلاد لمثل هذه الاحوال.  والبعض الآخر يرى أن تونس لا ينصلح حالها، إلا إذا حكمها نظام قوي محمرٌ العينين قوي الانياب، وآخرون يرون أن مصيبة البلد هي منسوب الديمقراطية العالي، الذي خرّب البلاد، حسب منطق العامة، الذين تعوّدوا على عقلية السلطة الآمرة الناهية، التي لا تتساهل مع العباد.

.شريحة أخرى من القريبين او المنضوين تحت “حركة النهضة” مصابين بالخيبة تجاه الأداء المرتبك والمتعثر لحركة النهضة، والتي لم تكن من منظورهم في مستوى تطلعات الجماهير، ولا في حجم انتظارات منتسبيها، أو المتعاطفين معها. وبعض القواعد كما تيسر الحديث معها مستاءة جدا من فشلها، الذي يعتبروه واضحا وفاضحا، في عدم تحقيق أي مكسب، سواء معنوي أو  مادي لأبناها، متطابقا مع تضحياتهم، التي كلفتهم الاعمار والأجساد، وضاعت في مهب التوافقات مع جلادي الأمس. واستياء من طريقة عدم استرداد حقوقهم، والتهاون  من طرف “حركة النهضة” التي خذلتهم، ولم تحسن الأداء في ملف الحقيقة والكرامة..

وفي الجانب الآخر الاقتصاد يسير بربع عين، ومؤسسات اقتصادية متخوفة ومحترزة من المآلات والانكماش..  
وبعض السلع شبه مفقودة. وطفت على السطح حالة من الارتباك والتهاتفت على البضائع للتخزين.والمواطن المرهق بطبعه نتيجة تراكم الهموم والعجز. تتصاعد همومه الحياتية، وقلة حيلته. خصوصا أمام المناسبات المتتالية، دخول مدارس، أعياد، عطل..اسراب من الشباب الذي فقد الأمل في الشغل، وفي تكوين أسرة وأصبح فاقدا لمعاني الوطنية، ببلد لم توفر له الأدنى، سوى الارتماء في قوارب الموت، ليكون طعاما للأسماك،  وجنائز لا بواكي لهم..

مظاهر البؤس منتشرة في كل مكان، وواضحة للعيان.. بعض المسنين شيوخا وعجائز  ينبشون القمامات، دون وقاية ولا قفازات، لجمع بعض الزحاجات الفارغة، لبيعها لمن يهتم بمثل هذه المواد.. وأحيانا ترى مشاهد تدمي القلوب وترج الأذهان في بلد السبعين سنة استقلال، حين ترى مسنين على ظهورهم اكياسا في وزن الأثقال، وهم يتدرجون معها كصخرة ” سيزيف “…

 نموت، نموتُ ويحيَا الوطن – لا نحن متنا موتةَ شرفْ – ولا الوطن عاش كما يجب – ولا نحن نحيا كما يحيا البشر –