“عاشق وطن” للكاتب الكبير عبد القادر بن الحاج نصر : سلاسة الأسلوب ونبل المعنى ومتعة القراءة

“عاشق وطن” للكاتب الكبير عبد القادر بن الحاج نصر : سلاسة الأسلوب ونبل المعنى ومتعة القراءة

2 جانفي، 18:30

الدكتور عبد القادر بن الحاج نصر كاتب تونسي كبير كتب الرواية والقصة القصيرة والمقالات والبحوث والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية… مسيرة زاخرة بالعطاء الفكري تجاوزت نصف قرن ألّف خلالها كاتبنا أعمالا تعبق برائحة الوطن الذكية وتتحدّث عن جماله وأفراحه وأحزانه ومشاكله وتغوص في كواليسه…

ولم يحد عمله الأخير “عاشق وطن” عن القاعدة ولكنه زاد عليها بأن كان أسلوبه ممتعا جدا وفي متناول أي قارئ خاصة في عصرنا هذا عصر الضغوطات وكثرة المشاغل وقلة الصبر على لعنة القراءة والكتابة والأدب والثقافة… كتاب “عاشق وطن” الذي امتد على 270 صفحة هو مجموعة من المقالات الصحفية القصيرة لأديبنا… هي نصوص في المحبة والوفاء طرح فيها كاتبنا واقعنا فتحدث عن الشوارع والساحات والمقاهي والمدينة العتيقة والمدارس والإعلام ومجالس المثقفين والعائلات والجيران ووسائل النقل العمومي ومعاني الصداقة والحب والتعلق الأرض وعشق المطر وأحلام الناس وآلامهم وغزو المنتوجات الأجنبية وتفسّخ الهُويّة والكسل الإعلامي والصراعات العربية وغيرها من الأحداث اليومية في واقعنا المعيش… كل قارئ لا بد أن يجد نفسه في هذا العمل.. عمل ليس فيه كثرة شخصيات أو أحداث طويلة متتابعة تتطلب تركيزا وتدقيقا  أو تأويلا والدخول في معاني ما بين السطور وفكّ شفرة بعض الرموز والإشارات غير المباشرة كما يحصل في قصة أو رواية… هي مقالات صحفية من حياتنا اليومية تحكي عنا بلغة سهلة على الأفهام لكنها أدبية وغير مبتذلة… إنه لمن أمتع الأعمال التي يمكن قراءتها والاستفادة منها دون عناء… بل إن الحسرة لكبيرة عند الانتهاء من مطالعة الكتاب ويودّ القارئ لو يبقى في هذه الرحلة الممتعة الشائقة التي تحمل لذّة وراحة تلج روح الإنسان بنبل معانيها وجمال أسلوبها السّلس… إنّ هذا العمل يشبه كثيرا رائعة “النظرات”… إنّ مصطفى لطفي المنفلوطي يولد من جديد !.. يمكن لنا مطالعة صفحتين أو 50 صفحة في ليلة واحدة حسب الرغبة…

طبعة أنيقة رغم بعض الأخطاء المطبعية البسيطة أحسن عبد القادر بن الحاج نصر تبويبها فكانت فصولها كالتالي : ثقافيا، اجتماعيا، وطنيا، إعلاميا، عفو الخاطر… نصوص كلها حب للوطن وللناس كما هي عادة كاتبنا… إنها دعوة صريحة إلى كل من يحب الغوص في أعماق تونس العزيزة وإلى من مازال لم يعرف بعد عبد القادر بن الحاج نصر  : من لا يقرأ هذا العمل فلن يقدر على قراءة شيء أبدا !

سامي النيفر   

مواضيع ذات صلة