في الدستور المُقترح لا حقّ في الإضراب للجيش والأمن والقضاة والديوانة

في الدستور المُقترح لا حقّ في الإضراب للجيش والأمن والقضاة والديوانة

30 جوان، 22:29

نحن الشعب التونسي، صاحب السيادة، الذي حقّق بداية من يوم 17 من شهر ديسمبر من سنة 2010 ، صعودا شاهقا غير مسبوق في التاريخ، ثائرا على الظلم والاستبداد وعلى التجويع والتنكيل في كل مرافق الحياة.

نحن الشعب التونسي الذي صبر وصابر لمدة أكثر من عقد من الزمن إثر هذه الثورة المباركة، فلم ينقطع عن رفع مطالبه المشروعة في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، ولكنه لم يلق في المقابل سوى شعارات زائفة، ووعودا كاذبة، بل وزاد الفساد استفحالا، وتفاقم الاستيلاء على ثرواتنا الطبيعية والسطو على المال العام دون أي محاسبة. فكان لابد من موقع الشعور العميق بالمسؤولية التاريخية من تصحيح مسار الثّورة بل ومن تصحيح مسار التاريخ، وهو ما تم يوم 25 من شهر جويلية من سنة 2021 ، تاريخ ذكرى إعلان الجمهورية.

نحن الشعب التّونسي الذي قدم جحافل الشهداء من أجل الانعتاق والحرية، فاختلطت دماؤهم الطاهرة الزكية بهذه الأرض الطيبة، راسمين بدمائهم فوقها لوني الراية الوطنية.

وقد عبرنا عن إرادتنا واختياراتنا الكبرى من خلال الاستشارة الوطنية التي شارك فيها مئات الالاف من المواطنين والمواطنات في تونس ومن خارجها، وبعد النظر في نتائج الحوار الوطني حتى لا ينفرد أحد بالرأي أو تستبد أ  ي جهة بالإختيار.

نحن الشعب التونسي 

نقر هذا الدستور الجديد لجمهورية جديدة دون أن ننسى تاريخنا الحافل بالأمجاد والتّضحيات وبالآلام والبطولات.

لقد عرف وطننا العزيز حركات تحرر شتى، وليست أقلّها حركة التحرر الفكري في أواسط القرن التّاسع عشر، التي تلتها حركة تحرير وطني منذ بداية القرن العشرين حتى حصول تونس على استقلالها وتخلّصها من الهيمنة الأجنبية.

بدأت حركة تحرر فكري فحركة تحرير وطني، وجاء الانفجار الثّوري في 17 من شهر ديسمبر من سنة 2010 ، وانطلقت إثرها حركة التّصحيح بمناسبة الذّكرى الرابعة والستّين لإعلان الجمهورية، للعبور إلى مرحلة جديدة في التاريخ، للعبور من اليأس والإحباط إلى الأمل والعمل والرجاء، إلى مرحلة المواطن الحر، في وطن حر كامل السيادة، إلى مرحلة تحقيق العدالة والحرية والكرامة الوطنية.

إنّنا نقر هذا الدستور مستلهمين من أمجاد الماضي وآلامه ومتطلّعين لمستقبل أفضل لنا ولأجيال سوف تأتي من بعدنا لترفع الراية الوطنية أعلى وأعلى في كل محفل وتحت كل سماء.

إنّنا نرتضي هذا الدستور مستحضرين تاريخنا ال  دستوري الضارب في أعماق التّاريخ من دستور قرطاج إلى عهد الأمان, إلى إعلان حقوق الراعي والرعية وقانون الدولة التونسية لسنة 1861 ، فضلا عن النّصوص الدستورية التي عرفتها تونس إثر الاستقلال.

نجح عدد منها بعض النجاح، وتم الانحراف بعدد غير قليل منها حين تحوّلت النصوص إلى وسيلة لإضفاء مشروعية شكلية زائفة على الحكّام.

وإنّنا، في هذا الاستحضار لتاريخ تونس الدستوري، تقتضي الأمانة التّأكيد على أنّ من بين أهم النصوص الدستورية الدستور الذي عرفته تونس في مطلع القرن السابع عشر وكان يحمل إسم الميزان ويعرف عند السكّان آنذاك بال  زمام الأحمر، لأ  ن سفره كان أحمر اللّون.

وقد حرره تونسيون ممن كانوا مؤمنين بقيمة العدل الذي يرمز إليه الميزان. وتم توزيعه على السكان الذين كانوا يلوذون بما فيه من أحكام إن توقعوا حيفا ممن كانوا يسمون بالخاصة.

نحن الشعب التّونسي،

نسعى بهذا الدستور الجديد إلى تحقيق العدل والحرية والكرامة، فلا سلم إجتماعي دون عدل، ولا كرامة للإنسان في غياب حرية حقيقية، ولا ع  زة للوطن دون سيادة كاملة ودون استقلال حقيقي.

إنّنا نؤسس إلى تركيز نظام دستوري جديد يقوم لا فقط على دولة القانون بل على مجتمع القانون حتّى تكون القواعد القانونية تعبيرا صادقا أمينا عن إرادة الشعب، فيستبطنها ويحرص بنفسه على إنفاذها ويتصدى لكل من يتجاوزها أو يحاول الإعتداء عليها.

إننا، ونحن نقر هذا الدستور الجديد، مؤمنون بأن الديمقراطية الحقيقية لن تنجح إلاّ إذا كانت الديمقراطية السياسية مشفوعة بديمقراطية اقتصادية واجتماعية، وذلك بتمكين المواطن من حقّه في الاختيار الحر، ومن مساءلة من اختاره ومن حقّه التوزيع العادل للثروات الوطنية.

نحن الشعب التّونسي،

نؤكّد مج  ددا انتماءنا للأمة العربية وحرصنا على التمسك بالأبعاد الإنسانية للدين الإسلامي، كما نؤكد انتماءنا للقارة الإفريقية وهي التسمية التي تجد جذورها في التسمية التي كانت تطلق على وطننا العزيز.

نحن شعب يرفض أن تدخل دولتنا في تحالفات في الخارج، كما نرفض أن يتدخّل أحد في شؤوننا الداخلية. نتمسك بالشرعية الدولية وننتصر للحقوق المشروعة للشعوب التي من حقّها، وفق هذه الشرعية، أن تقرر مصيرها بنفسها وأ  ولها حق الشعب الفلسطيني في أرضه السليبة وإقامة دولته عليها بعد تحريرها وعاصمتها القدس الشريف.

نحن الشعب التّونسي، صاحب السيادة،

نجدد تمسكنا بإقامة نظام سياسي يقوم على الفصل بين الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعلى إرساء توازن حقيقي بينها.

كما نجدد التأكيد على أن النظّام الجمهوري هو خير كفيل للمحافظة على سيادة الشعب وتوزيع ثروات بلادنا بصفة عادلة على كلّ المواطنين والمواطنات.

وإنّنا سنعمل ثابتين مخلصين على أن تكون التّنمية الاقتصادية والاجتماعية مستمرة دون تعثر أو انتكاس في بيئة سليمة تزيد تونس الخضراء إخضرارا من أقصاها إلى أقصاها، فلا تنمية مستمرة دائمة إلا في بيئة سليمة خالية من كل أسباب التلوث.

نحن الشعب التّونسي الذي رفع يوم 17 ديسمبر من سنة 2010 شعاره العابر للتّاريخ، الشعب يريد، نقر هذا الدستور أساسا تقوم عليه جمهورية تونسية جديدة.

الباب الأول

أحكام عامّة

الفصل الأول:

تونس دولة حرة مستقلّة ذات سيادة.

الفصل الثّاني :

نظام الدولة التونسية هو النّظام الجمهوري.

الفصل الثّالث :

الشعب التّونسي هو صاحب السيادة يمارسها على الوجه الذي يضبطه هذا الدستور.

الفصل ال  رابع :

تونس دولة موحدة، ولا يجوز وضع أي تشريع يمس بوحدتها.

الفصل الخامس :

تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى ال  دولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الاسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض

والمال والدين والحرية.

الفصل ال  سادس :

تونس جزء من الأمة العربية واللّغة الرسمية هي اللّغة العربية.

الفصل ال  سابع :

الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي الكبير تعمل على تحقيق وحدته في نطاق المصلحة المشتركة.

الفصل الثامن:

علم الدولة التونسية أحمر تتوسطه دائرة بيضاء بها نجم أحمر ذو خمسة أشعة يحيط بها هلال أحمر حسب ما يضبطه القانون.

الفصل التّاسع:

شعار الجمهورية التونسية هو حرية، نظام، عدالة.

الفصل العاشر:

طغراء الجمهورية التونسية يحددها القانون.

الفصل الحادي عشر:

النشيد الرسمي للجمهورية التونسية هو “حماة الحمى”.

الفصل الثّاني عشر:

الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها.

الفصل الثّالث عشر:

تحرص الدولة على توفير الظروف الكفيلة بتنمية قدرات الشباب وعلى تمكنيه من كافة الوسائل حتى يساهم بصفة فاعلة في التّنمية الشاملة للبلاد.

الفصل الرابع عشر:

الدفاع عن حوزة الوطن واجب مقدس على كل مواطن.

الفصل الخامس عشر:

أداء الضرائب والتّكاليف العامة واجب على كل شخص على أساس العدل والإنصاف.

وكل تهرب ضريبي يعتبر جريمة في حق الدولة والمجتمع.

الفصل السادس عشر:

ثروات الوطن ملك للشعب التونسي، وعلى الدولة أن تعمل على توزيع عائداتها على أساس العدل والإنصاف بين المواطنين في كل جهات الجمهورية.

تعرض الاتفاقيات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثروات الوطنية على مجلس نواب الشعب وعلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم للموافقة عليها.

الفصل السابع عشر :

تضمن الدولة التعايش بين القطاعين العام والخاص وتعمل على تحقيق التكامل بينهما على قاعدة العدل الاجتماعي.

الفصل الثّامن عشر:

على الدولة توفير كلّ الوسائل القانونية والمادية للعاطلين عن العمل لبعث مشاريع تنموية.

الفصل التاسع عشر:

الإدارة العمومية وسائر مرافق الدولة في خدمة المواطن على أساس الحياد والمساواة وكل تمييز بين المواطنين على أساس أي انتماء جريمة يعاقب عليها القانون.

الفصل العشرون:

على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأعضائها وأعضاء أي مجلس نيابي وعلى القضاة أن يصرحوا بمكاسبهم وفق ما يضبطه القانون.

يسري هذا الحكم على أعضاء الهيئات المستقلّة وعلى كلّ من يتولى وظيفة عليا.

الفصل الحادي والعشرون:

تضمن الدولة حياد المؤسسات التربوية من أي توظيف حزبي.

الباب الثّاني

الحقوق والحريات

الفصل الثّاني والعشرون:

تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم.

الفصل الثّالث والعشرون:

المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون دون أي تمييز.

الفصل الرابع والعشرون:

الحق في الحياة مقدس. ولا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون.

الفصل الخامس والعشرون:

تحمي الدولة كرامة الذّات البشرية وحرمة الجسد، وتمنع التعذيب المعنوي والمادي. ولا تسقط جريمة التعذيب بالتقادم.

الفصل السادس والعشرون :

حرية الفرد مضمونة.

الفصل السابع والعشرون:

تضمن الدولة حرية المعتقد وحرية الضمير.

الفصل الثّامن والعشرون:

تحمي الدولة حرية القيام بالشعائر الدينية ما لم تخلّ بالأمن العام

الفصل التّاسع والعشرون:

حق الملكية مضمون، ولا يمكن الحد منه إلا في الحالات وبالضمانات التي يضبطها القانون.

الملكية الفكرية مضمونة.

الفصل الثّلاثون:

تحمي الدولة الحياة الخاصة وحرمة المسكن وسرية المراسلات والاتّصالات والمعطيات الشخصية.

لكلّ مواطن الحرية في اختيار مقر إقامته وفي التنقّل داخل الوطن وله الحق في مغادرته.

الفصل الحادي والثّلاثون:

يحجر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن.

الفصل الثّاني والثلاثون:

حق اللّجوء السياسي مضمون طبق ما يضبطه القانون، ويحجر تسليم المتمتعين باللجوء السياسي.

الفصل الثالث والثلاثون:

المتّهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تُكفل له فيها جميع ضمانات الدفاع في أطوار التتبع والمحاكمة.

الفصل الرابع والثلاثون:

العقوبة شخصية، ولا تكون الاّ بمقتضى نص قانوني سابق الوضع، باستثناء حالة النص الأرفق بالمتّهم.

الفصل الخامس والثّلاثون:

لا يمكن إيقاف شخص أو الاحتفاظ به إلا في حالة التلبس أو بقرار قضائي، ويعلم فورا بحقوقه وبالتهمة المنسوبة إليه، وله أن ينيب محاميا. وتحدد مدة الإيقاف والاحتفاظ بقانون.

الفصل السادس والثلاثون:

لكلّ سجين الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامته.

تراعي الدولة في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية مصلحة الأسرة، وتعمل على إعادة تأهيل السجين وإدماجه في المجتمع.

الفصل السابع والثلاثون:

حرية الرأي والفكر والتّعبير والإعلام والنّشر مضمونة.

لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات.

الفصل الثّامن والثّلاثون:

تضمن الدولة الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة.

تسعى الدولة إلى ضمان الحق في النفاذ إلى شبكات الاتصال.

الفصل التّاسع والثلاثون:

حقوق الانتخاب والاقتراع والترشح مضمونة طبق ما يضبطه القانون.

تعمل الدولة على ضمان تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة.

الفصل الأربعون :

حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات مضمونة.

تلتزم الأحزاب والنقابات والجمعيات في أنظمتها الأساسية وفي أنشطتها بأحكام الدستور والقانون وبالشفافية المالية ونبذ العنف.

الفصل الحادي والأربعون:

الحق النّقابي بما في ذلك حق الإضراب مضمون.

ولا ينطبق هذا الحق على الجيش الوطني.

ولا يشمل حق الإضراب القضاة وقوات الأمن الداخلي والديوانة.

مواضيع ذات صلة