قراءة مقارنة بين الدستورين بقلم الأستاذ فتحي الجموسي

قراءة مقارنة بين الدستورين بقلم الأستاذ فتحي الجموسي

30 جوان، 23:23

صحيح أن النسخة المنشورة من مشروع الدستور الجديد لا تخلو من العبارات الركيكة والفضفاضة والشعبوية والتي توحي بالنزعة الشعبوية في الخطاب السياسي وصحيح كذلك تعدد الاخطاء اللغوية والتكرار.
صحيح كذلك أني كنت آمل في مشروع دستور أفضل بكثير من المنشور وأني أيضا كنت اتمنى أن لا يغير الرئيس شيئا من المسودة او المشروع المحرر من قبل العميدين بلعيد و بودربالة والاستاذ أمين محفوظ لكن يبدو أن قيس سعيد فشل في التحرر من النزعة أو الفكر “اللينيني الشفتري” ولا ادل على ذلك من الفصل 61 بفقرتيه الأولى التي سيقصي بها كل النخب من رجال اعمال ومحامين واطباء ومهندسين وغيرهم من اصحاب المهن الحرة من الترشح لمجلس النواب بعد ان فرض عليهم التفرغ وايضا الفقرة الثانية التي تجيز سحب الوكالة من النائب والتي تحيلنا مباشرة لذاك التنظير للنظام المجالسي التصاعدي والافقي العبثي.
صحيح كل هذا وأكثر ويحق للجميع ان يتخوف من كل ما يمس من مدنية الدولة ومن هويتنا التونسية.
لكن يبقى مشروع الدستور الجديد بكل عيوبه أفضل ألف بل مليون مرة من دستور 2014.
فسبب دمار تونس وهلاك شعبها هو كون دستور 2014 خرب الدولة واضعفها ونزع نفوذها وسيادتها بالنظام البرلماني الهجين واللعين الذي فرضه علينا.
هذا النظام استهدف الدولة وخربها عن طريق نزع اكثر ما يمكن من صلاحياتها ووزعها على الاحزاب تحت مسمى هيئات مستقلة وهي ابعد ما يكون عن الاستقلالية كونها تشكل من موالي الاحزاب داخل البرلمان.
أما ما تبقى من صلاحيات الدولة فقد وزعها بين ثلاث سلط متنافرة ومتقاتلة فيما بينها وهي البرلمان ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
سيداتي سادتي بهكذا نظام خربت ودمرت دولتنا وانتهكت سيادتها واصبحت مستباحة من الجميع في الداخل والخارج.
لكن مشروع الدستور الجديد وحد السلط وجمعها ورتبها تصاعديا بما يزيل اي صراع نفوذ وصلاحيات فيما بينها وهذا هو الطريق الوحيد لاستعادة دولتنا القوية والمهابة.
كل ما يعنيني اليوم هو استعادة الدولة لانه بدنها يسير جميعنا نحو الهلاك فبدون دولة قوية يستحيل مقاومة الفساد وبدون مقاومة الفساد يستحيل الحديث عن اصلاح الاقتصاد والتعليم والثقافة والمجتمع.
دولة قوية ولو حازمة او حتى ظالمة افضل ألف مرة من دولة ديمقراطية ضعيفة ومنهكة.
والنظام الرئاسي المشرع داخل مشروع الدستور الجديد كفيل لمحو أحزاب الفساد والارهاب والخراب نهائيا من الخارطة.
ختام القول مشروع الدستور الجديد بكل عيوبه أفضل ألف مرة من دستور الخراب العربي، دستور 2014.

مواضيع ذات صلة