مجانية التعليم العمومي في تونس: حقيقة أم خيال؟ … أسامة بن رقيقة

مجانية التعليم العمومي في تونس: حقيقة أم خيال؟ … أسامة بن رقيقة

17 سبتمبر، 21:02

“تضمن الدولة حق التعليم مجانا بالمؤسسات التربوية العمومية لكل من هم في سن الدراسة وتوفر لجميع التلاميذ فرصا متكافئة….. وتقوم الدولة بإعانة التلاميذ الذين ينتمون لأسر متواضعة الدخل”. “تضمن الدولة الحقّ في التعليم العمومي المجاني بكامل مراحله، وتسعى إلى توفير الإمكانيات الضرورية لتحقيق جودة التربية والتعليم والتكوين”. غير أن الواقع يقول عكس ذلك ، ويختلف الواقع المعيش   مع كل الدساتير والمراسيم والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها تونس .  بالنظر للتكاليف الباهضة التي تتكبدها العائلة في مفتتح السنة الدراسية. حيث شهدت أسعار المستلزمات المدرسية هذه السنة ارتفاعاً كبيراً مقارنة بالسنوات الفارطة، مما آثار غضب كثير من أولياء الأمور الذين اشتكوا من هذا الإرتفاع الجنوني للأسعار. حيث عرضت المحافظ بأسعار تراوحت بين 50و 300 دينار، في حين كانت قيمة الميدعة بين 40و 60 دينار ، ولم تكن الكتب والكراس والأقلام أفضل حالا، مع أن بعض السلع ذات منشأ صيني، مقابل نقص فادح للكراس المدعم. أسعار مرتفعة قدرت بنحو 10 و20 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة، وهي أثمان لا تتناسب مع المقدرة الشرائية لجل العائلات التونسية مقارنة بالمرتبات التي يتحصلون عليها. الأمر الذي جعل العديد من أرباب العائلات يضطرون للإستدانة ودخول البعض الآخر في دوامة البحث بين أزقة الشوارع بين طاولات الأدوات المدرسية المهربة بأسعار منحفضة مقارنة بالمكتبات. معاليم الترسيم والملابس والإشتراك المدرسي ودروس التدارك والكمامة واللمجة ونسخ الوثائق … وغيرها من المصاريف الأخرى التي أصبحت ضرورة حتمية ، ستنزل هي الأخرى بثقلها وتستنزف ميزانية العائلة وتصبح الجيوب خاوية الوفاض، لا درهم فيها ولا دينار. في المقابل توجد عائلات تونسية عاجزة تماما عن إرضاء أبنائها وإقتناء المستلزمات الضرورية للدراسة والوزارة تطالبهم بحق الترسيم وتضع لهم اسعار خيالية. هذا الإرتفاع المشط للأسعار يقابله راتب لا يكفى وهي معادلة صعبة يستوجب حلها بأي طريقة، ومن هنا يأتي دور المسئولين بالدولة لحل تلك الازمة وتشديد الرقابة علي التجار وتخفيف حدة الأزمة علي المواطنين وتقديم يد العون للعائلات المعوزة ومحدودة الدخل ، والتخفيض من الرسومات المدرسية المبالغ فيها. هذه التكاليف الباهظة جعلت عديد العائلات تلجأ إلى المدارس الخاصة، التى  شهدت إقبالا متزايدا خلال السنوات الأخيرة. (العدد القادم)(من المسؤول عن تهميش التعليم العمومي لحساب القطاع الخاص؟)

مواضيع ذات صلة