هذا الله وهذه حكمته … بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي

هذا الله وهذه حكمته … بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي

6 جوان، 21:36

 منذ أيام  فقط دعا حزب التحرير  إلى النفير العام معلنا أن وقت إقامة الخلافة قد حان ، ربما هناك من أستخف بهكذا تصريح و اعتبره مجرد سحابة صيف دعائية حزبية  و ربما هناك من نظر من الشباك علّه يشهد جحافل جند الخلافة  و ربما هناك من استنكر هذا التصريح جملة و تفصيلا و دعا في سرّه أن يجنب البلاد زوابع  هي في غنى عنها . يدرك حزب التحرير أن عهد الخلافة  قد ولّى  إلى غير رجعة كما يعلم علم اليقين أن التاريخ لن يعود الى الوراء مهما تغيّرت أحوال البشر و مع ذلك لا يزال هناك من يتغنى بهذه الحكاوى من باب الترويح عن النفس .   من الواضح أن قيادة حزب التحرير تحتاج إلى تحرير  في العقول و  إلى  إشعال كل فوانيس الدنيا حتى تقتنع بأن الأرض تدور حول نفسها و بأن الشمس لا زالت تبزغ من الشرق و بأن الإنسان مدني بطبعه و بأن عهد الخلافة قد بات مجرد حلم بائس لن يحدث.

أي نعم ، من حق السيد رضا بلحاج أن يحلم كما يشاء و أن يسعى إلى تسويق هذا الحلم إلى بعض العقول الباهتة التي أنهكتها الأحداث لكن من الواجب أن ندعو الرجل إلى الاستيقاظ من هذا الحلم الكابوس لأنه لا يكفى أن يسرد على بعض السامعين بعض المقولات و أن يضيف لصوته الهادر بعض البهارات اللفظية و أن تتعالى أصوات التكبير  من هنا و هناك حتى يبشر الرجل القوم بأنه رأى فيما يرى النائم ركب الخلافة يدور و يجول بين ربوع القيروان  و أنه يقود قافلة الخلافة متربعا على حصان أسود لم تر مرابض الخيل مثله منذ عهود الخلافة الأولى .  من حق السيد رضا بلحاج أن يبشر الحاضرين بأنه الخليفة السادس و بأنهم جند الخلافة و أن مدينة القيروان ستكون عاصمة الخلافة و لكن من حقنا أن نواجهه بالقول  بأن عهد الخرافة  لم يعد له مكان في زمن الانترنت  و زمن العقول المتفتحة التي ترفض تسلية الخرافة و تختار بدلا عنها الإبحار في عالم الواقع .

لا نريد أن نكسر مجاديف السيد رضا بلحاج و لا نريد أن نقتنع بحلمه الزائف و لا نبغي أن نكون قلما يكسر الخرافة و لكن أليس مقلقا و مسيئا للذوق و الفطنة و الأدب أن نشرب  هذه الحربوشة المنومة التي يبيعها الرجل على قارعة الطريق دون حفظ أو تبريد؟ . أليس من حقنا أن نتساءل كيف يمكن لدولة مهما كانت إيديولوجيتها أن تقوم دون أسس راسخة و دون أن تكون لها أرضية فكرية قابلة للعيش في محيط عالمي يعيش عصر الفضاء و الانترانت  ؟ من سيرتبط بدولة  هلامية خارجة عن القانون تعيش خارج الجغرافيا و التاريخ و حقوق الإنسان و ممارسة الديمقراطية ؟ أليس من سوء المنطق أن يقبل شخص بالعيش فى دولة مدنية و ” يستعمل ” كل مرافقها و  يرفق صورته لجواز سفرها و ينتحل جنسيتها ثم يتضايق من حكومتها و حاكمها ناسبا إليهم كل شرور الدنيا معبرا على إرادته أن تحصل انتفاضة ” دينية ”   تذهب بريحهم ليحل ركب الخلافة ؟  ألم يكن حريّا بالسيد رضا بلحاج  أن يكون حزبه حزبا مدنيا يدعو للفضيلة و يتمسك بالعروة الوثقى و يمارس حق الاختلاف و الانتخاب و التداول السلمي على السلطة بدل التعلق بوهم كبير اسمه الخلافة السادسة ؟.

مواضيع ذات صلة